إن ما يحدث ـ أو لا يحدث ـ للأطفال فى السنوات الأولى من حياتهم يمثل أهمية قصوى لكل من أحوالهم المعيشية المباشرة ومستقبلهم.
إذا حظيت بأفضل بداية فى السنوات الأولى من حياتك، يزداد احتمال أن تتمتع بنمو صحى، وأن تنمى قدراتك اللغوية والتعليمية، وأن تلتحق بالمدرسة وأن تمارس حياة بناءة ومثمرة. إلا أن الملايين من الأطفال حول العالم مازالوا محرومين من حق تنمية إمكاناتهم الكاملة.
ينبغى ضمان أفضل بداية للحياة للأطفال جميعاً ؛ ذلك أن مستقبلهم، وفى حقيقة الأمر مستقبل مجتمعاتهم وأممهم والعالم ككل، يعتمد على ذلك.
يبدأ نحو عشرات الملايين من رضيع حول العالم، كل عام، حياته بقفزة غير عادية ـ من مواليد لا حول لهم ولا قوة ليصبحوا أطفالاً صغاراً مفعمين بالنشاط وعلى أهبة الاستعداد للالتحاق بالمدرسة. وتضطر فى كل عام أعداد لا حصر لها منهم إلى التوقف على الطريق ـ حيث يحرمون بطريقة أو بأخرى من الحب، والرعاية، والتنشئة والصحة، والتغذية، والحماية التى يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة والنمو والتطور. ويموت نحو 11 مليون طفل كل عام قبل بلوغ الخامسة من عمرهم ويتعرض عشرات الملايين غيرهم إلى الإصابة بالإعاقات البدنية أو العقلية أو خلل يعوق تعلمهم ؛ليس لسبب إلا لأنهم وكفلاءهم يفتقرون إلى الظروف الأساسية التى يحتاجها الأطفال الصغار للبقاء على قيد الحياة والازدهار .
ما هي إتفاقية حقوق الطفل؟
في عام 1989، أقرّ زعماء العالم بحاجة أطفال العالم إلى اتفاقية خاصة بهم، لأنه غالباً ما يحتاج الأشخاص دون الثامنة عشر إلى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار.
كما أراد الزعماء أيضاً ضمان اعتراف العالم بحقوق الأطفال.
تعتبر اتفاقية حقوق الطفل الصك القانوني الدولي الأول الذي يلزم الدول الأطراف من ناحية قانونية بدمج السلسلة الكاملة لحقوق الإنسان، أي الحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية،.
وقد حققت الاتفاقية القبول العالمي تقريباً، وقد تم التصديق عليها حتى الآن من قبل 193 طرف -- أكثر من الدول التي انضمت إلى منظومة الأمم المتحدة أو الدول التي إعترفت باتفاقيات جنيف.
تتمثل مهمة اليونيسف في حماية حقوق الأطفال ومناصرتها لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم.
وتسترشد اليونيسف بتنفيذها لهذه المهمة بنصوص ومبادئ اتفاقية حقوق الطفل.
وتتضمن الاتفاقية 54 مادة، وبروتوكولين اختياريين. وهي توضّح بطريقة لا لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان - ودون تمييز، وهذه الحقوق هي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية.
وتتلخص مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة في: عدم التمييز، تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل، والحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في النماء، وحق احترام رأى الطفل.
وكل حق من الحقوق التي تنص عليه الاتفاقية بوضوح، يتلازم بطبيعته مع الكرامة الإنسانية للطفل وتطويره وتنميته المنسجمة معها.
وتحمي الاتفاقية حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل.
وبموافقتها على الالتزام (بتصديقها على هذا الصك أو الانضمام إليه)، تكون الحكومات الوطنية قد ألزمت نفسها بحماية وضمان حقوق الأطفال ووافقت على تحمل مسؤولية هذا الالتزام أمام المجتمع الدولي.
وتُلزم الاتفاقية الدول الأطراف بتطوير وتنفيذ جميع إجراءاتها وسياساتها على ضوء المصالح الفُضلى للطفل.
وهناك عدة أسباب تدعو إلى تمييز حقوق الطفل وضمها في اتفاقية منفصلة:
الأطفال أفرادا: و ليسو ملكاً لوالديهم ولا لدولتهم, ولا يمكن اعتبارهم مجرد كيان في طور النمو، للأطفال بموجب إنسانيتهم حق التمتع بنفس المكانة كباقي أفراد الأسرة البشرية.
يبدأ الطفل حياته ككائن حي يعتمد كلية على غيره: يعتمد الأطفال على البالغين فى التوجيه والتربية العاطفية والاجتماعية التي تشكل احتياجات أساسية لنمائهم نحو الاستقلالية. ونظرياً تكمن هذه الرعاية بشكل مثالي في أفراد الأسرة البالغين. ولكن في حالة عدم قدرة الراعي الأول توفير احتياجات الطفل يتعين على المجتمع سد هذه الفجوة.
الأطفال أكثر أفراد المجتمع تأثراً بالإجراءات الحكومية أو غيابها: تؤثر سياسة الحكومة في كل من المجالات ( على سبيل المثال، التعليم، الصحة العامة وغيرها) بدرجة ما على الأطفال. وتؤثر البرامج السياسية التي تتسم بقلة التبصر تأثيراً سلبياً على جميع أفراد المجتمع بإتاحة الفرصة لقيام سياسات فاشلة.
نادراً ما تلقى آراء الأطفال آذاناً صاغية ونادراً ما يؤخذ بها في العملية السياسية :بصفة عامة لا يتمتع الأطفال بحق التصويت، وبالتالي فهم لا يشاركون في العملية السياسية. وبدون الاهتمام الخاص بآراء الأطفال كما يعبّرون عنها ـ في المنزل والمدرسة والمجتمعات المحلية وحتى في أوساط الحكومات ـ لا تلقى تلك الآراء حول القضايا الهامة التي لها تأثير مباشر على واقع حاضر الأطفال ومستقبلهم آذاناً صاغية.
تتسم التغييرات العديدة في المجتمع بعدم التناسب، وغالباً ما تعكس آثاراً سلبية على الأطفال. تعكس التحولات في الهيكل الأسري والعولمة والتغيير في أنماط العمل وتقلص شبكات الرعاية الاجتماعية في العديد من البلدان، آثاراً سلبية على الأطفال. وتزداد هذا الآثار سوءاً في حالات الصراع المسلح وحالات الطوارئ الأخرى.
النماء الصحي للأطفال حجر الزاوية لازدهار ورفاهية أي مجتمع يكون الأطفال ضعفاء ولا سيما في مرحلة النماء، لذلك فهم أكثر عرضة ـ من الكبارـ للمعاناة من مخاطر سوء الظروف المعيشية كالفقر، وتدني مستوى الرعاية الصحية، وسوء التغذية، وشح المياه الصالحة للشرب، والمأوى والتلوث البيئي. وتهدد الأمراض وسوء التغذية والفقر مستقبل الأطفال؛ مما يعكس آثاراً سلبية على مستقبل المجتمع الذي يعيشون فيه.
الثمن الباهظ لتقاعس المجتمع عن رعاية الأطفال. أظهرت الأبحاث الاجتماعية أن لتجارب الأطفال في مستهل حياهم تأثير مباشر على نمائهم، وعلى تحديد حجم عطائهم للمجتمع أو عدم ذلك طوال مراحل حياتهم.
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة
طفل مقاتل ينظر للأراضي الريفية في أفغانستان من فوق سطح ثكنة منهار.
يقدر عدد الأطفال المشاركين في الصراعات المسلحة في العالم بنحو 300 ألف طفل, وغالباً ما تكون عواقب هذه المشاركة وخيمة.
إذ يُختطف الأطفال وبعضهم دون سن العاشرة، أو يُجندون قهراً, وقد شهد أو شارك العديد منهم في أعمال عنف لا يصدقها العقل، وغالبا ما تكون تجاه عائلاتهم ومجتمعاتهم.
وتحّث المادة 38 من الاتفاقية الحكومات على أن تتخذ الإجراءات الممكنة لضمان عدم اشتراك الأطفال دون سن الخامسة عشر بشكل مباشر في الأعمال العدائية, وتحدد الاتفاقية أيضا سن الخامسة عشره كحد أدنى للتجنيد الطوعي أو القسري في القوات المسلحة.
ويعتبر البروتوكول الاختياري المتعلق بإشراك الأطفال في الصراع المسلح الملحق باتفاقية حقوق الطفل محاولة لتعزيز تنفيذ الاتفاقية وتكثيف الحماية للأطفال أثناء الصراعات المسلحة.
ويُلزم البرتوكول الدول التي صادقت عليه "باتخاذ جميع التدابير الممكنة" لضمان عدم اشتراك أفراد قواتها المسلحة من هم دون الثامنة عشر اشتراكاً مباشراً في الأعمال العدائية.
كذلك, ينبغي على الدول رفع الحد الأدنى للتجنيد الطوعي إلى ما فوق سن الخامسة عشر. غير أن البروتوكول لم يحدد سن الثامنة عشر كحد أدنى. ومن الناحية الأخرى، يلفت البروتوكول اهتمام الدول إلى توفير حماية خاصة للأطفال دون الثامنة عشرة من أعمارهم، وعليه فهي تلتزم بتوفير الضمانات الكافية لهم وحظر التجنيد القسري أيضا لمن هم دون سن الثامنة عشر.
وينبغي على الدول الأطراف أيضا اتخاذ التدابير القانونية لحظر الجماعات المسلحة المستقلة من تجنيد وإشراك الأطفال دون سن الثامنة عشر في الصراعات.
وينبغي على الدول حال تصديقها على البروتوكول الاختياري إعلان السن المسموح به للتجنيد الطوعي في قواتها المسلحة، بالإضافة إلى الخطوات التي تنوي اتخاذها في المستقبل لضمان حظر التجنيد الطوعي قهراً أو قسراً.
ولهذا المطلب أهمية خاصة، حيث أن البروتوكول الاختياري لم يحدد سن الثامنة عشرة كحد أدنى للتجنيد الطوعي في القوات المسلحة.
وبعد حصول البروتوكول الاختياري المتعلق بإشراك الأطفال في الصراع المسلح على التصديقات العشر اللازمة لدخوله حيز التنفيذ في شباط/ فبراير 2002 أصبح صكاً ملزماً قانوناً.
ووقعت وصادقت حالياً أكثر من 100دولة عليه
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الاباحية
ينتشر الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال في جميع أنحاء العالم ـ مثل بيع الأطفال، والبغاء، والسياحة الجنسية, واستخدامهم في المواد والعروض الإباحية.
ويقدر عدد الأطفال (معظمهم من الفتيات، وأيضا عدد كبير من الفتيان) الذين ينضمون إلى تجارة الجنس والتي تحقق أرباحاً بمئات الملايين من الدولارات، بحوالي مليون في العام، ويعانون من المهانة وتعريض حياتهم للخطر.
وتنص المادتين 34 و 35 من اتفاقية حقوق الطفل على إلزام الحكومات بحماية الأطفال من جميع أنواع الاستغلال الجنسي و سوء المعاملة، واتخاذ كافة الإجراءات المتاحة لضمان عدم تعرضهم للخطف أو البيع أو التهريب إلى أماكن أخرى. ويكمل البروتوكول الاختياري المتعلق بالإتجار في الأطفال، وبغاء الأطفال واستخدام الأطفال في المواد والعروض الإباحية الاتفاقية بوضع شروط تفصيلية للدول للقضاء على هذا الاستغلال الجنسي و سوء المعاملة, ويحمى الأطفال أيضا من البيع لأغراض غير جنسيه مثل العمالة بالإكراه
و تعّرف أحكام البروتوكول انتهاكات "بيع الطفل" و "بغاء الطفل" و"استخدام االطفل في المواد والعروض الإباحية", وتلزم الحكومات بتجريم ومعاقبة جميع الأفعال ذات الصلة بهذه الانتهاكات.
المقال منشور فى امل الامة
محمد مدحت عمار
hamada.medhat@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق