قررت الحكومة الانتقالية ان تقترض من البنك وصندوق النقد الدوليين ما يزيد عن 6 مليار دولار وفقا لما أعلنه الدكتور / سمير رضوان وزير المالية بعد عودته من زيارة الى واشنطن معللا ذلك باحتياج مصر الى دعم عاجل بسبب المشاكل الاقتصادية التى نشأت فى فترة الثورة
* * *
ليظهر الأمر وكأن الشعب المصري ثار و قدم الشهداء ، لإسقاط مبارك ونظامه ولكن تحت الرعاية المالية والاقتصادية للأعداء الأصليين لثورته ، صناع نظام مبارك .
فالنظام الاقتصادي فى مصر منذ 1974 وحتى الآن هو صناعة غربية أمريكية بإدراه صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، وهيئة المعونة الأمريكية ومنظمة التجارة العالمية وأخواتهم .
فهؤلاء هم أعداؤنا الحقيقيون .
أما رجال النظام الساقط فلم يكونوا سوى أدوات تنفيذية طيعة فى أياديهم
وتاريخ البنك والصندوق معنا محفور ومحفوظ فى ضميرنا الوطنى ، بدءا بانتفاضة يناير 1977 ضد قرارات رفع الأسعار التى تمت بأوامرهم ، و مرورا بروشتاتهم المتتالية واجتماعات نادى باريس واتفاقات وخطابات النوايا عام 1991 وما بعدها ، و التى فرضوها علينا باسم الإصلاح الاقتصادي المزعوم والتى تتضمن سلسلة من الأوامر والنواهي الصريحة والقاطعة على وزن :
• لا تدعم السلع والخدمات
• لا تعالج الناس مجانا
• لا تجعل التعليم مجانى الا فى المراحل الأساسية
• لا تبنى مساكن للفقراء
• لا تعين موظفين جدد ، بل حاول ان تتخلص من الحاليين او تقلصهم
• لا تقضى على البطالة ، فكثرة العاطلين تمكن القطاع الخاص من التحكم فى الأجور
• لا تنفق على الفقراء ، فهذا ليس من شأنك .
• لا تقدم لهم خدمات مجانية أو رخيصة
• لا تنتج بنفسك ، وقم فورا ببيع القطاع العام وتصفيته
• لا تقترب من القطاع الخاص ، و دعه يفعل ما يريد
• لا تشترط عليه مشروعات محددة ، فهو حر يستثمر فيما يريد
• ولا تضع اى سقف لأرباحه ، و دعه يربح كما يريد
• لا تقيد الملكية ، فليملك من يريد ما يريد .
• ولا تتدخل فى حق التصرف من بيع وشراء للمصريين أو للأجانب .
• وليس لك شأن بثروات رجال الأعمال ، فليكتنزوا ما يريدون .
• و لا تضع حدا أعلى للأجور
• ولا تضع حدا أدنى لها
• و لا تقاوم الفوارق بين الطبقات ولا تسع لتقريبها .
• و لا تزيد الأجور ، و دع السوق والقطاع الخاص يحددها
• ولا تحمى العمال من الطرد أو الفصل .
• ولا تحمى عملتك الوطنية ودعها للسوق يحدد قيمتها
• ولا تحمى منتجاتك الوطنية بالجمارك
• لا تستقل اقتصاديا ، وارتبط بالسوق العالمى واتبعه .
• لا تخطط للمستقبل ، فالتخطيط يضر بحرية السوق
• لا تفرض أسعارا إجبارية ( تسعيرة ) حتى على سلع الفقراء
• لا تُرَشّد الاستيراد
• لا تقاوم البذخ
• لا تغلق بابك أبدا أمام الاستثمار الاجنبى
• ولا تضع عليه شروطا ، و قدم له ما يريد من تسهيلات واعفاءات .
• لا تمنع نقل الأموال الى الخارج
• لا تكف عن الاقتراض منا
• ولا تتأخر فى السداد
• و إياك أن تحاول الاستغناء عنا
• لا تعادىِ إسرائيل فهى صديقتنا
• و لا تبنى جيشا قويا ، حتى لا يستنزف مدخراتك
• و لا تعارض السياسات الغربية
• بل يجب ان تتعاون معها وتدعمها .
• لا تأخذ قرارا الا بعد العودة إلينا
• لا تتباطأ فى تنفيذ تعليماتنا
* * *
و بالفعل قام النظام السابق بتنفيذ هذه التعليمات كالتلميذ النجيب المطيع ، فرضي عنه الخواجات وأثنوا عليه كثيرا ، الى درجة أنهم اختاروا وزير ماليته يوسف بطرس غالى مديرا للجنة المالية فى الصندوق منذ بضعة شهور .
* * *
أما عن نتائج ما حدث لنا نتيجة لهذه السياسات ، بعيدا عن تقارير عصابات النصب والإقراض الدولى وأتباعهم ، فيمكن ان نستخلصها من بعض الأرقام التالية :
توزيع الثروة فى مصر : 160 ألف رجل أعمال يملكون 40 % من ثروة مصر وفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2007
توزيع الفقر : يعيش أكثر من 36 مليون مصرى بأقل من 360 جنيه فى الشهر
توزيع الناتج المحلى السنوى : يحصل أصحاب رؤوس الأموال أمثال هشام طلعت مصطفى واحمد عز وغيرهم على 70 % من الناتج المحلى الاجمالى مقابل 30% للعاملين بكافة أشكالهم .
البطالة : بلغ عدد العاطلين حوالى 2,5 مليون مواطن وفقا للتقديرات الرسمية ، فى حين يقدرها بعض الخبراء بـ 8 مليون عاطل .
الجنيه : تضاءلت قوته الشرائية أربعة مرات منذ عام 1980 حين كان الدولار يساوى 1,43 جنيه ، الى ان أصبح يساوى الآن 6 جنيه
الديون :
• تضاعفت ديوننا الخارجية 11 مرة من 1,7 مليار دولار عام 1970 الى 19,1 مليار دولار عام 1980
• ثم قفزت مرة أخرى الى 34,7 مليار دولار عام 2010
• هذا بالإضافة الى الديون الداخلية التى قفزت من 11 مليار جنيه عام 1980الى 888 مليار جنيه حتى عام 2010
• ليصبح مجمل الدين العام الحالى 1080 مليار جنيه
• وليمثل 89.5% من الناتج المحلى الاجمالى
• ولتبلغ نسبة خدمة الدين العام الى الناتج المحلى الاجمالى ما يقرب من 11 %
• وما يقرب من 39 % من جملة الإنفاق العام .
• مع العلم بان نسبة استفادة مصر من القروض الخارجية لم تتعدى 50 % تقريبا ، كما تبتلع مرتبات الخبراء الأجانب 25 % منها ، كما تم إهدار جزء كبير منها بسبب فساد و أخطاء الإدارة الحكومية وفقا لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات .
* * *
ولكن الأخطر من كل ذلك هو فقدان استقلالنا الوطنى لذات الأسباب و على ذات الوجه الذى أدى الى الاحتلال البريطانى لمصر عام 1882 .
• وكلنا نتذكر شروطهم لنا عام 1956 عشية بناء السد العالى حين سحبوا عروض تمويله لأننا لم نقبل الاعتراف بإسرائيل ولم نتنازل عن حقنا فى الحصول على السلاح السوفيتي بعد أن رفضوا هم إمدادنا بالسلاح .
• كما نتذكر سيول الأموال والقروض والمعونات التى نزلت علينا منذ السبعينات بعد انسحابنا من مواجهة اسرائيل وتوقيع معاهدة سلام معها .
• كما نتذكر كيف استخدموا ديوننا لهم ، كأداة ضغط لإرغامنا على الالتحاق بهم فى حرب الخليج عام 1991 ، ثم قاموا بإلغائها مكافأة لنا على هذا التبعية .
• وكيف يستخدموها ذريعة للتدخل فى أدق شئوننا بحجة ضمان حقوقهم لدينا ، فيأمروننا على الدوام أن : افعلوا ذلك ولا تفعلوا ذاك ، اصرفوا هنا ، ولا تدفعوا مليما هناك ...الخ .
• ولو لم نوقفهم عند حدهم الآن ، فسيفرضون علينا فى الغد القريب خياراتهم السياسية والاقتصادية ، وكله بفلوسهم ، لنصبح جميعا النسخة المعدلة من نظام مبارك .
• انها ذات السياسات التى يسلكونها مع كل بلاد العالم الثالث ، ليخضعوها ويكسروا ارادتها ويلحقوها بركابهم ويستولوا على مقدراتها
• ويكفى أن نعلم أن الدول الغنية المقرضة البالغ تعداد سكانها 16 % من العالم تمتلك 76 % من الناتج العالمى
• فى حين ان الدول المقترضة مثلنا و البالغ تعداد سكانها 77 % من العالم تمتلك 19% فقط من الناتج العالمى
* * *
ولذا يجب أن نؤكد على ان توريط مصر فى مزيد من القروض ، ليس من صلاحيات الحكومة الانتقالية او غيرها ، وهناك عشرات الحلول البديلة العاجلة ولكن من منطلقات أكثر جذرية وأكثر انحيازا للفقراء الذين يمثلون الغالبية من شعب مصر مثل :
• المطالبة بإلغاء الديون الخارجية والتلويح بالامتناع عن سدادها لارتباطها بنظام فاسد وتابع تم إسقاطه .
• اتخاذ سياسات أكثر حزما وصرامة وسرعة لاسترداد الأموال المنهوبة المهربة الى الخارج .
• واسترداد شركات القطاع العام التى بيعت بأبخس الأثمان
• واسترداد الاراضى التى نهبت بتراب الفلوس ، أو تحصيل فروق الأسعار
• فرض تعريفات جمركية إضافية علي الواردات من السلع الترفيهية
• وفرض نظام من الضرائب التصاعدية قادر على محاسبة مليارديرات مصر الكثر .
• و فرض ضريبة علي الأرباح الناتجة من الإتجار بالعقارات والأراضي أوالمضاربة في البورصة
• و فتح تحقيق قضائى وشعبى واسع حول مصادر كل الثروات الطائلة التى راكمها رجال الأعمال عبر أكثر من 30 عام من خلال النهب المنظم بالتعاون مع رجال النظام السابق .
• وتأميم او فرض تعويضات على من يثبت عليه عدم مشروعية مصادر ثروته .
• فيجب أن نعلم أين ذهبت كل هذه القروض والمعونات ، ويجب أن نسترد ما أمكننا منها .
• فالذين سرقوا مصر أكثر بكثير من الخمسين رجلا المحبوسين فى طرة الآن .
* * *
وإذا كنا نتداعى كل يوم لحوار وطني حول الدستور والانتخابات والمرحلة الانتقالية وغيرها ، فانه من باب أولى أن نتحاور حول كيفية التحرر من التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب .
ولدينا والحمد لله تصورات وطنية بديلة و محددة فى هذا الشأن ، لخبراء متخصصين أمثال الدكاترة : جلال أمين و محمود عبد الفضيل وإبراهيم العيسوى واحمد النجار وغيرهم .
كما أن هناك مؤسسات مدنية عالمية تناضل فى هذا المجال ، منها لجنة إلغاء ديون العالم الثالث ، التى قدمت بالفعل حلولا بديلة لسياسات الاقتراض الدولى
* * *
ان التصدي لهذه القروض لا يقل أهمية عن عشرات المطالب التى أغضبتنا وأخرجت مظاهراتنا المليونية
فلنناضل ضدها وضد كل سياسات عصابات النهب الدولى المسماة بالبنك والصندوق ، فهى جزء أصيل من النظام الذى نريد إسقاطه .
* * * * *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق