الجمعة، 29 أبريل 2011

الثيوقراطية .. خطيئة أوروبا التي يكفر عنها عالم لم يقترفها

 الثيوقراطية .. خطيئة أوروبا التي يكفر عنها عالم لم يقترفها


كتب:

لا ادري حقيقة لم كل هذا الخوف الغير مبرر علي الدولة الجديدة بعد ثورة 25 يناير المباركة , ولم بات علي جميع شعوب العالم , ان يدفعوا ثمن خطيئة أوروبا العصور الوسطي الثيوقراطية , حيث حكم التفويض الالهي المستبد , والذى ليس لنا فيه ناقة ولا جمل .
و بالرغم من وجود أكثر من تصريح إلهي و نبوي في التشريع الإسلامي يحتم مدنية الدولة منذ نشأتها وهو الأمر الذي غلب المدينة التي يرجعوننا إليها , ويحتذون بأوروبا مثلا , بدءاً من قوله عز وجل » لا أكراه في الدين « وقوله صلي الله عليه وسلم » أنتم اعلم بأمور دنياكم« وانتهاء بـ » اتركوهم وما يدينون «, إلي جانب العشرات من النصوص الأصيلة في التشريع الإسلامي التي تحترم مدنية الدولة , وتحافظ علي روح الإبداع وحرية الفكر , وهو الدستور الذي بنيت عليه الخلافة الإسلامية منذ مهدها, فظهر لنا ابداعات ابن رشد , والغزالي , واختلافات ابي حنيفة والشافعي و غيرهم من المذاهب , و علوم ابن سينا والرازي و ابن النفيس , والتي اتت كلها في عصر الدولة الاسلامية لتؤكد ان الدولة الاسلامية لم تكن يوما ثيوقراطية تحكم بتفويض إلهي فتمنع الفكر او تقتل الابداع, في الوقت الذى كانت محاكم التفتيش الكنسية تقترف اّثاما هائلة لن ينساها التاريخ أبد الدهر.
الا أننا جميعا كمسلمون مطلوب منا إبراء الذمة من خطا الغرب الذي لم نقترفه , وخطيئة كنائس العصور الوسطي التي لم نوافق علي افعالها يوما, والتي تجرعنا كأسها يوما, عندما اقصينا وجيشت جيوش الحملات الصليبية لاستعمارنا ونهب ثرواتنا وقتل أبناءنا بسببها .
انا شخصيا محسوب علي التيار المنادي بمدنية الدولة, برغم أصوليتي الواضحة في كتاباتي , لكن مفهوم الدولة المدنية التي اريدها ليس كالتي يدعون اليها, فالدولة المدينة من وجهة نظري لا تتعارض مطلقا مع الشرائع الدينية , بل تكملها وتحترمها , وتستفيد من تفهماتها للاخر وتعايشها معه, وتستقي منها منهاجا انسانيا توافقيا, فالدين أتي ليتمم مكارم الاخلاق , وهو الامر الذى عجز عنه اباطرة الفكر الانساني, يوم احتاجهم العالم لينصروا ضعفائه , و لا يستطيع احدهم أن يتكلم عن امور كتلك التي يتحدثون عنها في دول اوروبا الليبرالية , فالدستاير الاوروبية فيها من الاقصاء ورفض حقوق الاخر ما يجعل الحمل ثقيل عليهم إذا ما تحدثنا ..
الخوف من الدولة الدينية , اصبح كلمة حق يراد بها باطل , فلا يوجد بين علماء المسلمين ذوي الشعبية والكلمة ,ولا نصوصه, من يقبل بدولة الكهنة التي تجرع كأس مرارتها الناس في اوروبا والعالم الاسلامي, وازهقت بسببها ملايين الارواح بلا ذنب او جريرة , وتسببت بتسلط كهنتها في تدمير تراث الانسانية وقيمها بحجج دينية – ما انزل الله بها من سلطان - للترويج للدكتاتورية المسيحية المستبده, في العصور المظلمة, ولا نريد أن تتحول تلك الثورة البيضاء من دكتاتور اقصي الجميع بفزاعات التدين , الي دكتاتوريات الاقلية التي تقصي الجميع بفزاعات الدولة الدينية.
اتفهم طبيعة التفاهم المسيحي الليبراليين علي رفض الدولة الدينية » الثيوقراطية« وانا معهم , لكنني لا اتفهم مطلقا استخدام ذلك الخوف لفرض اسلوب معين من الانظمة , علي مجموع الشعب, فالدين للمسلمين منهج حياة , يحتكمون اليه فيما تشابك مع النصوص , حتي لا يقعون في الشبهات , ويلجاؤن لفكرهم وقوانينهم الوضعية – وحدها- فيما كان بعيدا عنه, كنظام الحكم و الاقتصاد النزيه والسياسية السوية , فالحكمة بنص التشريع النبوي , هي ضالة المؤمن أني وجدها فهو احق الناس بها, والاسلام اصر صراحة علي ان لأهل الكتاب كل الحق في الرجوع الي شريعتهم فيما يخص الاحوال الشخصية والعبادة وغيرها , ولا يعني تفهمي لدولة مدنية أن اقبل بتشريعات تتعارض مع النصوص المقدسة سواءاً كانت في الشريعة الاسلامية أو المسيحية, فالاصل في الشرائع تهذيب الاخلاق, والاولي البعد عن الاساليب المغايرة لطبيعة الانسان النقية. فالسياسة في التشريع الاسلامي تتفهم طبيعة الاختلاف , لكنها تعطى لكل ذي حق حقه , لا كما تفعل الانظمة التي صدعتنا بليبراليتها , ودفاعها عن حقوق الانسان , الفيتو الامريكي المتكرر وموقف الليبراليين الغربيين, من التجربة البرلمانية الفلسطينية , ودعمهم للانظمة الدكتاتورية طيلة خمسون عاما , يهدم دعواتهم رأسا علي عقب, ويضعهم في موضع المنحسر لا المنتشر, فالذى يؤمن بالحرية يجب ان يتفهم اختلاف الطبائع والتوجهات , ورغبة الاغلبية و حقوقها , ويجب ان يحظى بقدر ولو قليل من الاحترام لتوجهات الاخر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق