السبت، 14 مايو 2011

ما أنكره وما التبس

تعليق السيد عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح على ما كتبته في هذا المكان تحت عنوان «سقط مبارك ونجحت المصالحة»، لا يفسر إلا بأحد أمرين: إما أن الرجل لم يكن جادا فيما قاله، أو أنه افترض أن القارئ بلا ذاكرة.
ففي مقاله الذي نشرته له صحيفة «الشروق» يوم الخميس الماضي (5/5) أراد أن يقنعنا بأربعة أمور:

بمعنى أن أي تشكيل تعترض عليه حماس لا يتم والعكس صحيح، فكيف يدعي صاحبنا بأنه لا تغيير في الأمر، وأن 18 شهرا ضاعت على المصالحة بلا جدوى؟
...................


الأول أن المصالحة لم تكن مفاجئة، وأن الجديد هو توافر إرادة إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية.الثاني أن مصر في العهد السابق لم تكن منحازة لا للرئيس أبو مازن أو للسلطة في رام الله.الثالث أن الرئيس الفلسطيني وقع على ورقة المصالحة متحديا بذلك ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل.الرابع أن حركة حماس وقعت على الورقة المصرية بعد سنة ونصف السنة دون تعديل أو إضافة، وأن التفاهمات التي تم الاتفاق أخيرا لم تغيِّر شيئا فيما ورد بالورقة الأصلية.
رغم أن مجرد ذكر النقاط الأربع يكفي بحد ذاته في التدليل على عدم جديتها، ومن ثم يغنينا عن مناقشتها والرد عليها، إلا أنني سأذّكر فقط بعدة أمور غائبة عنه أو أنه حرص على تغييبها،



فهو حين يرى أن الجديد في الاتفاق الأخير هو أن الإرادة الفلسطينية توافرت، في غمز غير مباشر في الأطراف الأخرى التي تحفظت على الورقة ورفضت توقيعها في مرحلة سابقة، فإنه تجاهل أهم المتغيرات التي حدثت في المنطقة العربية، وعلى رأسها سقوط نظام الرئيس مبارك، الذي قاد معسكر «الاعتدال»، الموالي للولايات المتحدة وإسرائيل، والراعي العربي الأهم للسيد أبو مازن والسلطة الفلسطينية في رام الله،

وهو تجاهل أيضا الدوي الذي أحدثه صوت الشعوب العربية التي هتفت «الشعب يريد إسقاط النظام»، وهو ما دفع الشعب الفلسطيني إلى الخروج في تظاهرات رددت النداء «الشعب يريد إنهاء الانقسام».



السيد عزام الأحمد تجاهل أيضا أن السيد أبو مازن تخلى عن عناده وقبل بتحفظات حركة حماس، لأنه يريد لم الشمل الفلسطيني، ليس حبا في المصالحة التي تجاهلها في الاحتفال بتوقيعها، ولكن لأنه يريد الذهاب إلى نيويورك في شهر سبتمبر القادم ليطلب من الجمعية العامة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد حرص على الذهاب إلى هناك من مركز قوة نسبية، ووراءه صف فلسطيني موحد، باعتبار أن الانقسام يضعفه في هذه الحالة.




نسي صاحبنا أيضا أو تناسى أن النظام السابق وقف إلى جانب قيادة فتح والسلطة ليس في مفاوضات المصالحة فحسب، وإنما أيضا في حصار غزة وملاحقة عناصر حماس الذين كانت عناصر السلطة تتولى الإرشاد عنهم عند معبر رفح، ناهيك عن أن نظام مبارك كان يقف في مربع سياسي واحد مع السيد أبو مازن وضد حماس، والوثائق التي بثتها قناة الجزيرة قبل ثلاثة أشهر، إذ فضحت أسرار المفاوضات التي دارت خلال السنوات الأخيرة بين ممثلي السلطة وبين الإسرائيليين والأمريكيين كاشفة ليس فقط عن انحياز النظام المصري السابق لأبو مازن وجماعته، ولكن أيضا عن المدى الذي بلغه انبطاح قيادة السلطة واستسلامهما المهين لرغبات الولايات وإسرائيل، وهما الجهتان اللتان زعم السيد الأحمد أن أبو مازن تحدى الضغوط التي مارستاها، ولا أريد أن أنكأ ذلك الجرح لكنني فقط أدعوه إلى قراءة هادئة لتلك الوثائق، لكي يدرك إلى أي مدى تجني على الحقيقة وأهدر المعلومات الموثقة فيما عبر عنه في رده.



أما الغريب والمدهش حقا، فهو ادعاء السيد الأحمد أن التفاهمات التي تم الاتفاق عليها أخيرا لم تغير شيئا مما ورد في الورقة المصرية، في حين أن أي باحث جاد إذا ما أتيح له أن يطلع على نص التفاهمات، سيدرك على الفور أنها تضمنت جميع التحفظات التي أبدتها حماس على الورقة المصرية، التي سبق رفضها طوال الثمانية عشر شهرا الماضية، وهي التي قبلت بها قيادة السلطة أخيرا، وأقرت بأنها ملزمة لها عند تطبيق الورقة المصرية. وللعلم فإن موضوع تفعيل المجلس التشريعي الذي فازت حماس بأغلبيته لم يكن مذكورا في الورقة المصرية، ولكن نصت عليه التفاهمات الأخيرة.



لقد ذكر السيد الأحمد أن التفاهمات لم تغير شيئا في مضمون الورقة المصرية لأنها ركزت على كيفية تنفيذ بنودها وتلك نقطة ملتبسة ذكرت نصف الحقيقة أو ربعها. ففي الورقة حديث عن تولى رئيس السلطة إصدار القرارات الخاصة بتشكيل لجنة الانتخابات ومحكمة الانتخابات واللجنة العليا للأمن، لكن التفاهمات قيدت من سلطة الرئيس واشترطت أن يتم كل ذلك بالتوافق.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق