الأحد، 1 مايو 2011

نعم ..... لله والوطن

نعم ..... لله والوطن


كتب: بقلم - محمد مدحت

كانت كلمة العمل لله والوطن هى من قبالة السخرية التى يتندر بها المصريون فى حياتهم اليومية ؛ فكنت عندما تعطى عاملا مثلا أجرا أقل مما يريده كان يقول لك ....  هو أنا هشتغل يعنى .. لله والوطن !!!!
كان الناس لايهمهم إلا أنفسهم فى حالة من الأنانية الجماعية والإجتماعية .
كانت كلمة العمل لله والوطن فى العهد البائد هى من قبالة السخرية بسبب تلك الثقافة و الأخلاق السيئة التى إكتسبها الشعب المصرى عبر تاريخ من الإستبداد والإستعباد التى غيرت كثيرا فى قناعات و مفاهيم وثقافات الناس , تعلم الناس ثقافة  القرش والهبش , والجنيه والكارنيه , تعلم الناس النفعية والأنانية حتى قلنا أن الخير قد ذهب من بين الناس ولكن كنا نتذكر قول رسولنا الكريم (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة ) فتطمئن قلوبنا

فكانت بداية ثورة 25 يناير وكان الهتاف الاول فى المظاهرات , تغيير, حرية , عدالة اجتماعية , هى بداية عهد جديد , وهى بداية التغييرو فاتحة الخير للبلاد والعباد ليتغير وجه مصر إلى ما تصبوا إليه ويحلم به كل مصرى شريف .

وكان يوم 28يناير هو يوما فاصلا فى حياتى وحياة كل مصرى رأيت كيف تغير الناس تغييرا جذريا من السلبية المفرطة إلى تلبية نداء الوطن. كانت المسئولية الشخصية تحتم على كل مصرى ألا يتأخر عن نداء الواجب.

رأيت كيف يضحى الناس بأموالهم وأنفسهم وأرواحهم.. كل ذلك لله والوطن و رأيت كيف اشترى أحد الشباب كمية من الكمامات الواقية  ووزعها على المتظاهرين مجانا وعندما هممت بشراء واحدة  وجدت أن ثمن الواحدة يتعدى أربعة جنيهات أى أن ذلك الشاب قد دفع على الأقل ثلاثمائة جنيها من نفسه بدون مقابل .

 أيضا رأيت بعينى هؤلاء الشباب الذين وزعوا على المتظاهرين كميات كبيرة من  الكوكاكولا لتقيهم من رائحة القنابل المسيلة للدموع , وعندما كنا نقف أمام إحدى بوابات النادى الاهلى وكانت مغلقة طلبنا من أحد الشباب من داخل النادى أن يشترى لنا عدة زجاجات من المياه لنغسل بها وجوهنا من اثار الدخان ونروى بها عطشنا فدخل وأحضر عدة كراتين من المياه وصمم على عدم أخذ أى مقابل .
رأيت كيف أن أصحاب الشركات والمحلات المطلة على الميدان قد فتحوا شركاتهم ومحلاتهم للثواربدون مقابل وكثير من الشركات المصرية الاصيلة قد أمدت الثوار بالكثير والكثير من إحتياجات الأعتصام.

رأيت أيضا فى إعتصام ميدان التحرير أن هناك شبابا  وشيوخا ونساء يحضرون معهم العصائر والاغذية والأدوية . رأيت من يوزع البسكويت ومن يوزع المياه والمخبوزات بأنواعها وسندوتشات الفول والطعمية ورأيت من يوزع رغيف وقطعة جبن, كل يفعل ما يستطيعه بحب وود

وجدت أن الميدان قد غير من قناعات الناس فأصبح الميدان ملهما لأرواح الناس, مغيرا لقناعات  سلبية نحتت فى كيان الشعب عبر سنوات من الإفساد المتعمد , أصبح الميدان ملحمة من العطاء ..عطاء بدون مقابل ...عطاء من قلوب الناس ..عطاء المحب إلى حبيبته ..عطاء من نوع جديد لم نعهده على أنفسنا من قبل ,  كان الناس عندهم ذاتية ورضا  للعمل والتضحية .

رأيت أن شباب مصر العظيم ليسوا من صورهم إعلام المخلوع فى صورة ذلك الشباب الماجن السيس الذى كل همه إشباع غرائزه وشهواته و أنهم شباب تافه يجرى وراء نجوم الفن والغناء  وليس لديهم أى هدف  نبيل ورأينا جميعا أيام الثورة كيف أن أغلب  وسائل الأعلام حاولت تشويه صورة هؤلاء الأطهار الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل الله والوطن بأنهم عملاء وخونة ثم تبين بعد ذلك من هم الخونة الذين باعوا البلاد والعباد

وجدنا أن هناك شبابا يعمل لله والوطن .. بدون مقابل أو كلمة شكر من أحد , رأيت كيف أنه عند الشدائد تظهر معادن شباب مصر  رأيتهم كيف يجمعون القمامة ويكنسون الميدان كله و كانوا كخلية نحل الكل يعمل فى صمت , يعمل من أجل رفعة الوطن ومحبة الله.

نجح الميدان فى تغير الكثير والكثير فى نفوس الشعب كله , ذابت الحواجز النفسية بين طبقات المجتمع فكنت ترى الغنى بجانب الفقير ,العالم بجانب المهنى البسيط  , المتبرجة تجلس بجانب المنتقبة فى ود وإحترام , وكان القبطى يصب الماء للمسلم ليتوضأ , ذهبت القناعات والمعتقدات السياسية والدينية وبقيت مصر فقط فى قلوب الجميع .

ذاب الجميع فى حب الله والوطن فكلاهما لا يتباعدان فحب الوطن من حب الله . وأيقنت كيف أننا كنا نحب ذلك الوطن الغالى وكنا نريد أن نضحى من أجله لكنه كان يحال بيننا وبين إظهار ذلك الحب لان شلة الحرامية كانوا يعطوننا إحساس بأنهم يحبون الوطن أكثر منا , وكانوا دائما ما يراهنون على أن هذا الشعب لن يتحد على كلمة فالعرب خلقوا ليتفرقوا , ونجحوا أن يزرعوا فينا السلبية و التواكل وعدم العمل الجاد .

والغريب أن الداخل الى الميدان كان يشعر بتلك الراحة النفسية التى لن تجدها إلا فى الاراضى المقدسة وأعتقد أن الميدان قد إستمد تلك الروح من دماء الشهداء وعرق الثوار وطيبة وجمال المصريين فى وقت الشدائد

رأيت  كيف فعل هؤلاء الشباب كل ذلك وكيف أن روحا جديدة لم نعهدها من قبل أصبحت تسرى فى عروق الناس وفى جسد الأمة , رأيت أننا فقط لم نفعل كل ذلك الا لله والوطن ..... الوطن الذى سنبنيه بسواعدنا ودمائنا وعرق أبنائه الأوفياء الذين لم يبخلوا على الوطن فى تحريره ورفعته وإرجاع دوره بين الامم لترتفع مصر كما كانت عالية مشرقة.

ولكن أيها الشباب ما أحوجنا إلى أخلاق الميدان التى نبعت من ضمير كل مصرى شريف أحب مصر من أعماق قلبه وكان يريد أن يضحى بنفسه وماله فى سبيل رفعة مصر, ما أحوجنا إلى أن نحتضن بعضنا ونبتعد عما  يفرقنا ويشتت شملنا , ما أحوجنا الى إحترامنا لرأى الأخر بحب وود ونعلم أن هدفنا واحد وهو رفعة مصر عاليه بين الامم, ما أحوجنا أن نعمل فقط لله والوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق