السبت، 14 مايو 2011

فن صناعة الموت

فن صناعة الموت

كتب: محمد مدحت

الحمد لله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، الحد لله قامت بربها الاشياء ، وسبحت بحمده الارض والسماء ، ولا زال الكون محكوما باسماءه الحسني وصفاته العلي  ، فما من شيء الا هو خالقه ولا من رزق  الا هو رازقه ، ولا من خير الا هو سائقه ، ولا من امر الا هو مدبره " يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ "(الرعد:2) ونشهد ان لا الاه الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير ، ونشهد ان سيدنا محمد عبد الله  ورسوله  اعتز بالله فاعزه ، وانتصر بالله فنصره ، وتوكل علي الله فكفاه ،  وتواضع لله فشرح له صدره ،  ووضع عنه وزره  ، ويسر له امره ، ورفع له ذكره ، وذلل له رقاب عدوه .. اللهم صلي وسلم وبارك عليك يارسول الله وعلي اهلك وصحبك ومن تبعك باحسان الي يوم الدين ..!!
ايها المسلمون : مضي رسول الله صلي الله عليه وسلم الي الرفيق الاعلي وترك لنا واعظين عظيمين ، احدهما ناطق والاخر صامت ، الناطق هو حبل الله المتين ودستوره القويم وصراطه المستقيم من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به اجر ، قال تعالي " نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ "(ق:45) واما الصامت فهو الموت ..
يقول الله تعالي " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ "(ق:19).. أن تجد  الإنسان أمامك  قلبا نابضا  ،  لسانا ناطقا  ، وجها مشرقا ، إرادة تملأ الدنيا ..!! ثم  من بين الأبناء والأصدقاء ..!! من بين الأطباء والاحباء .. من بين الغرباء والأقرباء ، من بين الأغنياء والفقراء.. يأتي مخلوق  لا يراه احد ولا يشعر به احد...فجأة.. وفي لحظات تجد هذا القلب النابض قد توقف ، وهذا اللسان الناطق قد سكت ، وهذا الوجه المشرق قد ذبل ، وهذه الإرادة القوية  قد تلاشت ..!! ماذا حدث ؟ !! هنا حار العلماء .. وسكت الأنبياء .. ورد رب الأرض والسماء " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً "(الإسراء:85) .. ماذا جري ؟!! " قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ "(السجدة:11) إنها لحظات  الرجوع " وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ " (البقرة:281) انه يوم العودة .. عودة المخلوق إلي الخالق .. عودة المرزوق إلي الرازق ، عودة الضعيف إلي القوي ، عودة الفقير إلي الغني " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "(فاطر:15)  وهذا تصوير القران للموقف المهيب " فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ* فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " (الواقعة : 83 -87) 
ايها المسلمون : إنها لحظات يحتاج الإنسان إلي من يأخذ بيده .. إلي من يشد من أزره ..إلي من يثبته .. إلي من يطمئنه .. علي من ماضيه وحاضره ومستقبله ..!! علي ما ترك من أولاد وأموال .. وعلي إجابة السؤال .. وعلي مصيره الذي سينتقل إليه -  حتما-  مهما كانت الأحوال ..!!  من له بذلك ؟!!  انه عمله .. ما قدم لأخرته من زاد .. وما هيأ لنفسه من ختام..  ما التزمه من تعاليم الدين   وما عليه استقام ..!! " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ "(فصلت:30-31)   كيف نستقبل الموت ..؟!! ماذا قدمنا اليوم لذاك اليوم ؟ ماذا قدمنا لتلك اللحظات ؟!!.. هل زرعنا لنحصد ما زرعناه ؟ هل غرسنا لنجني ثمار ما غرسناه ؟ أم فرطنا واضعنا ..أم غفلنا واعرضنا !! اليوم العمل وغدا الحساب .. اليوم الزرع وغدا الحصاد ..اليوم الغرس وغدا جني ما غرسناه..!! 
       إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا                  ندمت علي التفريط في زمن البذر
 ثم ما نوع الغرس الذي غرسناه ؟ هل صالح فلنا أم طالح فعلينا ؟!! نحن نري يوميا ثمار مرة  لغرس غرسناه بأيدينا –إلا ما رحم ربي وعصم- ...!!
لقد سئل الإمام الشافعي رحمه الله رحمة واسعة كيف أصبحت يا إمام ؟ قال :أصبحت عن الدنيا راحلا ، وللإخوان مفارقا ،ولسوء عملي ملاقيا ،ولكأس المنية شاربا ، وعلي الله واردا ، ولا ادري روحي تسير إلي الجنة فأهنئها أو تسير إلي النار فاعزيها .
ايها المسلمون : انها لحظات خارقة ، وساعات فارقة ، وسكرات حارقة..!! ترتجف منها القلوب ، وتتزلزل عندها الابدان ، وتنخلع منها الصدور ..!! تحتاج الي ايمان ثابت وصبر جميل وحكمة بالغة ..!!   أقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه خبروفاة النبي صلي الله عليه وسلم  ، وهو يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ثم أقبل عليه فقبله ثم قال بأبي أنت وأمي ، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا . قال ثم رد البرد على وجه رسول الله ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال على رسلك يا عمر أنصت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
قال ثم تلا هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين"( آل عمران : 144 ) .
قال فوالله لكان الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ قال وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم قال فقال أبو هريرة : قال عمر والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها ، فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات .

خير الاستعمال : عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله فقيل كيف يستعمله يا رسول الله قال يوفقه لعمل صالح قبل الموت   حسن صحيح .
وهذا هو فن صناعة الموت ، كيف تصنع موتتك ..!! ان تكون دائما علي طاعة ، ان تحسن استقبال الزائر الاخير في الدنيا ، ان تجعل دنياك مزرعة لاخرتك ، ان تتذكر الموت والبلي ، ان تبني قبرك بالصالحات ، وان ترضي ربك بالطاعات ..!! قال أبو الدر داء رضي الله عنه : العقلاء ثلاثة  من ترك الدنيا قبل أن تتركه ، ومن بني قبره قبل أن يدخله ، ومن ارضي ربه قبل أن يلقاه ...هل جعلت دنياك مزرعة لأخرتك ؟!! هل بنيت بالعمل الصالح قبرك ..؟!! هل أرضيت بالإخلاص والطاعة ربك ؟! كيف؟! ترجم هذه الاية علي ارض الواقع  " قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "(الأنعام:162)  اجعل عملك كله لله ..حركاتك وسكناتك ، حلك وترحالك ، ركوعك وسجودك ، انفاسك واناتك ، حياتك ومماتك .. كله لله .
كيف اذن بمن يكنزولا يستعد .. فضلا علي من  يفسد ويظلم ويستبد ..!! "وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ"( التوبة : 34)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَامِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لاَ يُؤَدّي زَكَاتَهُ إِلاّ أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنّمَ. فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ. فَيُكْوَىَ بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبِينُهُ. حَتّىَ يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ثُمّ يُرَىَ سَبِيلُهُ إِمّا إِلَىَ الْجَنّةِ وَإِمّا إِلَى النّارِ. وَمَا مِنْ صَاحِب إِبِلٍ لاَ يُوءَدِي زَكَاتَهَا إِلاّ بُطِحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ(القرقر: المستوي الأملس من الأرض). كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ. تَسْتَنّ عَلَيْهِ. كُلّمَا مَضَىَ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدّتْ عَلَيْهِ أُولاَهَا. حَتّىَ يَحْكُمْ اللّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. ثُمّ يُرَىَ سَبِيلُهُ إِمّا إِلَى الْجَنّةِ وَإِمّا إِلَى النّارِ. وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ لاَ يُوءَدّي زَكَاتَهَا. إِلا ّبُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ. كَأَوْفَرِ ما كَانَتْ. فَتَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا. لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلاَ جَلْحَاءُ(الملتوية القرن). كُلّمَا مَضَىَ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدّتْ عَلَيْهِ أُولاَهَا. حَتّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تُعُدّونَ. ثُمّ يُرَىَ سَبِيلُهُ إِمّا إِلَى الْجَنّةِ وَإِمّا إِلَى النّارِ   صحيح مسلم
هناك نماذج صنعت الموت ..!! كيف ؟  أحسنت استقبال الزائر الأخير.. كيف ؟ قضوا وهم ساجدون ، قضوا وهم محرمون ، قضوا وهم بالكعبة يطوفون ، قضو وهم بين المتخاصمين يصلحون ، قضوا وهم للقران يقراون  ..!!  لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب فلما اخذ يشهق بكت ابنته ..فقال : يا بنيتي لا تبكي، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة .. كلها لأجل هذا المصرع..يستقبل الموت بالقران .. القران زاد ودواء .. شفاعة وشفاء ..نور وضياء .. لذلك  ادخره عبد الله للقاء ربه.
أمّا عامر بن عبد الله بن الزبير فكان يحب الصلاة فقبض عليها .. واستقبل بها الموت ..  لقد كان على فراش الموت يَعُدُ أنفاسَ الحياة وأهله حوله يبكون فبينما هو يصارع الموت.. سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب ونفسُهُ تُحشْرجُ في حلقه وقد أشتدّ نزعُه وعظـُم كربه فلما سمع النداء قال لمن حوله :خذوا بيدي...!! قالوا : إلى أين ؟ .. قال : إلى المسجد .. قالوا : وأنت على هذه الحال !! قال : سبحان الله .. !! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه خذوا بيدي..  فحملوه بين رجلين فصلى ركعة مع الإمام ثمّ مات في سجوده  نعم مات وهو ساجد ..
وهذا رجل كان يحب الآذان استقبل به لقاء ربه   ... عاش أربعين سنة يؤذن للصلاة لا يبتغى إلا ّوجه الله ، وقبل الموت مرض مرضاً شديداً فأقعده في الفراش ، وأفقده النطق فعجز عن الذهاب إلى المسجد ، فلما اشتد عليه المرض بكى ورأى المحيطون به على وجهه أمارات الضيق وكأنه يخاطب نفسه قائلاً يا رب أؤذن لك أربعين سنة وأنت تعلم أني ما ابتغيت الأجر إلا منك، وأحرم من الأذان في آخر لحظات حياتي. ثم تتغير ملامح هذا الوجه إلى البشر والسرور ويقسم أبناؤه أنه لما حان وقت الآذان وقف على فراشه واتجه للقبلة ورفع الآذان فى غرفته وما إن وصل إلى آخر كلمات الآذان لا إله إلا الله، حتى خر ساقطاً على الفراش فأسرع إليه بنوه  فوجدوا روحه قد فاضت إلى الله، مولاها
 وهذا  شاب أمريكي من أصل أسباني ، دخل على إخواننا المسلمين في إحدى مساجد نيويورك في مدينة 'بروكلين بعد صلاة الفجر وقال لهم أريد أن أدخل في الإسلام. قالوا : من أنت ؟ قال دلوني ولا تسألوني  وفى اليوم الثالث خلى به أحد الإخوة المصلين واستخرج منه الكلام وقال له: يا أخي بالله عليك ما حكايتك ؟.قال: والله لقد نشأت نصرانياً وقد تعلق قلبي بالمسيح عليه السلام ولكنني نظرت في أحوال الناس فرأيت الناس قد انصرفوا عن أخلاق المسيح تماماً فبحثت عن الأديان وقرأت عنها فشرح الله صدري للإسلام ، وقبل الليلة التي دخلت عليكم فيها نمت بعد تفكير عميق وتأمل في البحث عن الحق فجاءني المسيح عليه السلام في الرؤيا وأنا نائم وأشار لي بسبابته هكذا كأنه يوجهني، وقال لي: كن محمدياً يقول : فخرجت أبحث عن مسجد فأرشدني الله إلى هذا المسجد فدخلت عليكم . بعد هذا الحديث القصير أَذَّنَ المؤذن لصلاة العشاء ودخل هذا الشاب الصلاة مع المصلين ، وسجد في الركعة الأولى ، وقام الإمام بعدها، ولم يقم  هو  بل ظل ساجداً لله فحركه من بجواره إلا أن  روحه قد فاضت إلى الله جل وعلا . 
وهذا رجلٌ نجاه الله من الغرق في حادث الباخرة ' سالم اكسبريس ' يحكي قصة زوجته التي غرقت في طريق العودة من رحلة الحج  يقول: صرخ الجميع (إن الباخرة تغرق ) فصرختُ فيها..هيا اخرجي. فقالت : والله لن أخرج حتى ألبس حجابي كاملاً.  فقال : هذا وقت حجاب !!! اخرجي!!   فإننا سنهلك !!!. إنها تريد أن تستقبل لقاء ربها علي طاعة ، تريد أن تنهي حياتها علي عبادة .. تريد أن ترضي ربه ثم ترضي زوجها ..!! قالت : والله لن أخرج إلا وقد ارتديت حجابي بكامله فإن مت ألقى الله على طاعة فلبست ثيابها وخرجت مع زوجها..فلما تحقق الجميع من الغرق تعلقت به.. وقالت: استحلفك بالله هل أنت راضٍ عنى ؟ فبكى الزوج .ثم قالت: هل أنت راضٍ عنى ؟  فبكى.. فقالت: أريد أن أسمعها. قال والله إني راضٍ عنك. فبكت المرأة الشابة وقالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، وظلت تردد الشهادة حتى غرقت فبكى الزوج وهو يقول : أرجو من الله أن يجمعنا بها في الآخرة في جنات النعيم ...انه خير استعمال العبد و حسن استقبال الموت  ، انه ثمرة إخلاص و التزام و وفهم وطاعة ..عزيزي القاري الحبيب.. انصح نفسي وإياك ..بالمداومة علي العمل الصالح.. نستقبل رسول الله بأحسن استقبال  .... وندعو الله بخير الاستعمال ..  فمن يدري غير الذي يعلم ويري ويدري   ..!! " إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "(لقمان:34) ... اللهم استعملنا في طاعتك ولا تذلنا بمعصيتك .. اللهم  اشرح صدورنا وأحسن ختامنا وجمل خلاصنا .. اللهم اجعلنا مع النبيين والصديقين والصلحين والشهداء  وحسن اؤلئك رفيقا ، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ،ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ،وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أهله وصحبه وسلم ،والحمد لله رب العالمين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق