السبت، 9 أبريل 2011

إضاءة خافته على خطاب بشار الاسد



...... وهكذا
وصلت إلى مقارنه طريفة بين ألقذافي والدكتور بشار وهي أن الأول يجعلنا نضحك فنسمع له ثم لا نفهم أما الثاني فنسمع له ونفهم ثم يجعلنا نضحك .

الأمر المحزن ولكنه حقيقي أن جاء الخطاب الارتجالي الذي وجهه الدكتور بشار إلى أعضاء مجلس الشعب السوري بنتيجة مؤداها أن أبقى على الجرح الداخلي مفتوحا لأن خطابه كان خاليا من المضمون . فهو قد دخل مجلس الشعب كدكتور لرئاسة الجمهورية السورية وخرج منه بدكتاتور متوج ومفوض لرئاسة الجمهورية السورية . مع أن الدكتور بشار شاب كان الأولى أن يدرك مطالب ثورة الشباب في بلده ويقدم بذكاء إيحائي جديدا في الأفكار لحلول حقيقية تفوق حتى مطالب المحتجين .

خطاب الدكتور بشار جعل الشعب السوري أكثر غضبا وستكون هناك تساؤلات أكثر فرزا إما مع إجراء الإصلاحات أو ضدها . إذ رحل الدكتور بشار الأزمة الداخلية إلى متآمرين في الداخل والخارج وكان
واضحا مع نفسه ومعنا حين قال:" المؤامرة كبيرة، ونحن لا نسعى لمعارك... الشعب السوري شعب مسالم وودود، لكننا لم نتردد يوما في الدفاع عن قضايانا ومصالحنا ومبادئنا وإذا فرضت علينا المعركة اليوم فأهلا وسهلا بها ".

وهذا يفسر على أن كل ما هو ضد حزب البعث (ليس الشعب السوري) يعد بمثابة مؤامرة كبيرة وان حزب البعث لا يسعى لمعارك( هل أقول مثل الاحتجاجات الشعبية ) لأنه لا يريد أن يخاطر ببقاء حزب البعث وحقيقة أن الشعب السوري مسالم بدليل انه صبر على حزب البعث الاستاليني الطابع الشمولي في الممارسة مدة 30+11 سنة وأن الدفاع عن قضايا ومصالح ومبادئ حزب البعث إجراء طبيعي ولا تحتاج إلى ذكاء خارق لان المعركة ستكون صراع بقاء .

أعطى الدكتور بشار إيحاء بان الحكومة السورية سوف تواجه أزمتها الداخلية بالإجراءات الأمنية المشددة وأعطى الضوء الأخضر للقوات الأمنية لكي تكمل قمعها للشعب السوري بممارسة رياضة العضلات الخشنة وهو يستخدم الخوف والطائفية كأداة للتحريض على القتل . لأنه بقي أسير رموز الحرس القديم من مساعدين وأعوان وأقارب الذين توقف الزمن لديهم في عام 1963 . وان الإبقاء على فردوسهم في المحافظة على السجون لكل من يخالفهم من الشعب أو من أعضاء الحزب . أليس الجمود في الحياة والفكر كالتطرف فيه كلاهما مرض عضال، لكن عالم اليوم غير عالم الأمس.

وأضاف :" أن البقاء دون إصلاح هو مدمر للبلد. التحدي الأساسي أي إصلاح نريد" وأكد أنه " لا توجد عقبات في الإصلاح ، يوجد تأخير وان من يعارضون الإصلاح هم أصحاب المصالح والفساد ".

الاعتراف بالإصلاحات وتأخيرها عذر غير كافي يريد أن يقنعنا به الدكتور بشار لعدم أجراء الإصلاحات . ومن هم أصحاب المصالح والفساد الذين يعارضوا الإصلاح؟ أم علينا أن نسأل مايك فغالي منجم فضائية Otv عنهم . فإذا كان هناك معارضين للإصلاح فهذا ادعى للتعجيل بالإصلاحات لان المستفيد من التأخير هم أصحاب المصالح والفساد وكلما تأخرت الحكومة وصمتت عن الفساد كان إسهامها كبيرا في المشاركة في الفساد . ألم يقل الدكتور بشار " لا مكان لمن يقف في الوسط ، فالقضية ليست الدولة ، بل الوطن " فإذا كانت القضية بحجم الدولة لماذا لا تأتي الإجراءات بحجم الدولة أم أن رموز الفساد اكبر من الدولة ؟!

لم يشمل خطابه أي قرار إصلاحي !!! مع أن الإصلاحات هي احتياج سوري حقيقي وان تمت الآن بعد موجة الاحتجاجات وضغط الأحداث فلن تفسر على أنها أمرا انتهازيا كما قال الدكتور بشار. أم ننتظر ليكون التغيير قهري!!

" إن سوريا حصينة ضد ما حدث (يقصد في مصر وتونس) لأن النظام لم يفرط في المقاومة في وجه إسرائيل كما فعل الآخرون " هذا تصريح الدكتور بشار لصحيفة (وول ستريت جورنال في 31 يناير 2011) لكن ما حدث في سوريا يعني أن ( المقاومة ) ليست حصانه ضد مطالب التغيير لان كل مطالب التغيير هي داخلية وليست بسبب السياسة الخارجية لسوريا .أنسي أو تناسى الدكتور بشار أن مطالب شعبه هي نفسها مطالب الشعوب التي أيد ثوراتها.

حدد الشعب السوري خياره في التحدي الأساسي في الإصلاح الذي يريد :-
* منع استمرار تردي الوضع الاقتصادي وازدياد نسبة البطالة بين الشباب وفشل النظام في وضع خطة لتحسين الوضع المعيشي . إذ أفاد تقرير الفقر عن سوريا الذي أعده ممثل الأمم المتحدة في سبتمبر 2010 عن أن ما بين 2 و 3 مليون سوري يعيشون في فقر مدقع.
* تسلط حزب البعث وتصفيته للحريات .
* احتكار فئة معينة للسلطة والثروة ( معارضي الإصلاح).
* إهدار حقوق الإنسان السوري وغياب العدالة الاجتماعية .
* وضع صيغة وآلية لمكافحة الفساد .
* إنهاء العمل بقانون الطوارئ.
* إصدار قانون جديد للإعلام والأحزاب.
* منع الاعتقالات التعسفية .
* مطالب أخرى.............

دعا الدكتور بشار إلى وأد " الفتنة الطائفية" لان هذا العمل " واجب وطني وأخلاقي وشرعي" وأضاف " أن المتآمرين قاموا بالخلط بين ثلاثة عناصر : الفتنة والإصلاح والحاجات اليومية"
من المعلوم أن نسبة السنة في سوريا 74% وان العلويين 16% والمسحيين 10% واقل من 1% من المجموع يهود . من يقوم على الفتنة هم شبيحة السيد/ ماهر الأسد . ومن قام بالمجاز هم سرايا الدفاع .

دام الخطاب 40 دقيقة استشهد خلالها أكثر من مرة بآيات قرآنية علما انه على ارض الواقع اتخذت إجراءات بحق المعلمات اللواتي يتحجبن في المدارس والكليات لان النقاب" يتناقض مع القيم والتقاليد الأكاديمية " يعني لو مدرسة ارتدته من باب الحرية الشخصية فهذا غير مسموح به .

اعتبر البعض من أعضاء مجلس الشعب السوري أن خطاب الدكتور بشار هو بمثابة حظ السعد المتكرر لهم مما شجعهم على ممارسة هواية الهتاف والتصفيق حتى أن احدهم جنح بخيالة المسافر الخصب ليهتف " الوطن العربي قليل عليك يا سيدي . يجب أن تقود العالم ".


ما أود الوصول إليه ، لكي تكون الحياة كريمة معنا ونحبها بالميل للتمتع والاحتفال بها حتى الارتواء اعتقد ان منطقتنا العربية ستواجه بعد هذه الاحتجاجات والثورات عامل الاستقرار على القيم الجديدة لان المنطقة ستعاني من زخم المشكلات المتأصلة والمزمنة في المجتمعات العربية التي تعلقت أجيالها بحبال الحرمان والجهل والخوف .

إننا أمام معضلة ثانية وهي تشكيل العقول من حيث إرساء قيم الحوار والشفافية واحترام رأي الآخر وثقافته وديانته أي أننا طالما في بقعه واحده فمن حق أي إنسان بغض النظر عن جنسية أو ديانته العيش بكرامة كل حسب قدرته وحاجته .

إن الإنسان العربي المستقبلي عندما لا يريد الحاكم سوف لن يحتاج إلى إحداث فوضى واحتجاجات واستيلاء على السلطة فتصفيات منصبيه أو جسدية لتغيير الرئيس وإنما كل ما يحتاجه ورقة يكتب عليها " لا" ويضعها في صندوق الاقتراع . وبذلك نتخلص من الهتاف المبتذل المهين " بالروح بالدم ".

أرجو أن ينظر كل منا إلى ذاته كإنسان مختلف حتى تكون لنا تجارب وخبرات إنسانية جديدة تبني الحريات الكريمة ، لان الخبرة ليست ما يحدث لنا في هذه الحياة بل ما نقوم به من فعل تجاه ما يحدث لنا في الحياة، ولكي نبتعد عن الألم المضاعف إذا حولنا التجربة إلى ذكرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق