السبت، 23 أبريل 2011

غيرة زائفة

غيرة الرئيس اليمنى على عبدالله صالح على العفة والفضيلة بين النساء اليمنيات تستحق التنويه، فالرجل الذى بات يواجه منذ ثلاثة أشهر تظاهرات يومية تندد بحكمه وتطالبه بالرحيل، لم ينس فى خطبة ألقاها يوم الجمعة الماضى 15/4 أن يحذر نساء اليمن من الاختلاط بالرجال فى أثناء التظاهرات، الأمر الذى قد يعرضهن إلى ما لا يسر الخاطر.
وهو أمر يستغرب أن يفكر فيه أى زعيم وهو يرى حكمه يتهاوى ونهايته تلوح فى الأفق. ولا أظن أنه خطر على بال أحد فى اليمن من الناشطين أو الناشطات الذين يشاركون فى التظاهرات والاعتصامات، حتى ثورة 25 يناير التى أطاحت بالرئيس المصرى السابق وأسقطت نظامه لم تلتفت إلى هذه المسألة، حيث فات على منظمى التظاهرات آنذاك أن ينبهوا إلى مراعاة تجنب الاختلاط حرصا على نقاء الثورة وطهارتها.
صحيح أن العملية مرت بسلام فى مصر، ولكن ليس فى كل مرة تسلم الجرَّة، كما يقال. لذلك فلا مفر من تقدير موقف الرئيس اليمنى الذى دعا إلى التحوط والحذر، ولم يفته وسط ظروفه العصيبة أن ينبه إلى ضرورة الفصل بين الغاضبين والغاضبات، كى لا يؤثر اختلاطهم على سمو الهدف الذى خرج الجميع لأجله.
وهو ما يدل على مدى اهتمامه بالتفاصيل اليومية لأحوال شعبه. وأهم من ذلك أنه يدل على إعطائه الأولوية لإشاعة الفضيلة والعفاف بين اليمنيات، وحرصه على إبعادهن عن مواطن الشبهة والفتنة.
إذا جاز لنا أن نقول إن تحذير الرئيس اليمنى انطلق من غيرته على صيانة أعراض اليمنيات وإنه لم يبتغ بما قاله سوى وجه الله سبحانه وتعالى، فإن ذلك يشجعنا على أن نطرح عليه بعض الأسئلة التى تتعلق بعرض اليمن ذاته.

ابتداء فنحن لا نعرف بالضبط ما إذا كان تحذيره من مغبة مخاطر اختلاط النساء مع الرجال ينصرف فقط إلى التظاهرات المطالبة برحيله، أم أنه يسرى أيضا على التظاهرات التى ينظمها رجاله تأييدا له.
وإذا ما افترضنا أن تحفظه يشمل الاثنين فإننا نسأله أيضا عن رأيه فى اختلاط دماء النساء مع دماء الرجال جراء إطلاق قناصة الرصاص عليهم،

وهل اختلاط المتظاهرين الذى حذر منه وحده المحظور فى حين أن اختلاط الدماء مباح؟


وهل يرضى الله، الذى يخشاه سيادته، أن يخرج اليمنيون العزل عن بكرة أبيهم فى تظاهرات سلمية تطالب برحيله، لكى يقابلوا بعد ذلك برصاص القناصة وأسلحة البلطجية الذين يجندون لحسابه؟


وهل يغضب الله أن تخرج اليمنيات إلى التظاهرات ضمن جموع الغاضبين بثيابهن المحتشمة التى نراها كل يوم فى الصحف، فى حين يرضيه احتكار سيادته للسلطة فى اليمن طوال 33 عاما؟


وهل يرضى الله أن يناضل اليمنيون وتسيل دماؤهم ويسقط شهداؤهم للإطاحة بحكم الإمامة، ثم يأتى سيادته بعد ذلك لكى يعيد حكم الإمامة مرة أخرى، ويوزع السلطة والثروة على أبنائه؟


وهل يرضى الله أن يظل سيادته متمسكا بالسلطة رغم الاجماع الشعبى على رفضه، وإعلان ذلك الرفض على الملأ طوال الأشهر الماضية؟


ــ ولأن المؤمن كيَّس فطن، فهل من الكياسة والفطنة أن يتعامى سيادته عما حدث فى تونس ومصر، ولا يتعلم شيئا منهما، بحيث يمضى على درب قرينه فى ليبيا الذى رفع شعار «إما أن أحكمكم أو أن أقتلكم»؟
حين قارنت موقف الرئيس اليمنى من موضوع الاختلاط فى التظاهرات، وتجاهله كل العناصر الأخرى فى المشهد، رغم أنها الأهم والأشد جسامة، تذكرت قصة إمام التابعين الحسن البصرى، الذى جاءه من يستفتيه فى دم البرغوث وهل يفسد الوضوء أم لا،

فسأله البصرى من أين أنت؟

عندئذ رد السائل قائلا إنه من الكوفة.

فما كان منه إلا أن أشاح بوجهه قائلا: تستبيحون إهدار دم الحسين وتسألنى عن دم البرغوث؟
المعنى فى العبارة نستطيع أن نستعيده ونحن نطالع أخبار اليمن، حيث يحق لنا أن نقول للرئيس وأركان نظامه:

تستبيحون دماء اليمنيين ثم تحذرون من الاختلاط فى التظاهرات؟!

..................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق