الثلاثاء، 12 أبريل 2011

من اين نبدأ ؟

لاشك أن مصر علي أبواب مستقبل جديد وفكر جديد‏,‏ وينبغي أن يأخذ كل واحد منا موقعه ومكانه في رحلة البحث عن هذا المستقبل‏..
 
 
‏ سوف يشغلنا الماضي بعض الوقت لتصفية بعض الحسابات وسداد بعض الفواتير ورحيل كثير من الشخصيات من ذاكرة الوطن‏,‏ وقبل هذا كله إعادة أموال الشعب التي نهبها مجموعة من الأشخاص تحت مسميات كثيرة وإن كانت جميعها تخضع لمبدأ النهب والسرقة‏.‏ من هنا ينبغي ألا تشغلنا حسابات الماضي عن رؤي المستقبل لأن ما حدث في مصر في أقل من شهر واحد انتظرناه كل عمرنا ينبغي ألا تسقط منا هذه اللحظة التاريخية الفريدة فيجب أن نمسك بها‏,‏ ونحافظ عليها لنبدأ منها رحلتنا مع مستقبل يليق بمصر وبهذه الثورة العظيمة التي أعادت لنا الروح بعد طول غياب‏..‏
هناك رءوس موضوعات تبدو من بعيد كأنها نقاط ضوء علي امتداد الطريق نحو المستقبل الذي نريده لمصرنا الغالية‏..‏
‏<‏ مع اختفاء اشباح جلسات مجلس الشعب بكل تاريخه القديم ينبغي أن نضع الضمانات من أجل حياة برلمانية حقيقية بعيدا عن حملات التزوير وسيد قراره والموافقات العشوائية وأحكام القضاء‏,‏والقوانين المسلوقة وأن نتخلص من هذا التراث القبيح والكاذب والمضلل تحت شعارات الديمقراطية‏..‏ يجب أن يكون لدينا برلمان حقيقي يحاسب حكومة مسئولة ويرعي المصالح الحقيقية للشعب وأن يكون صورة مشرفة لمصر في رموزه ودوره ومسئولياته‏..‏
ولا أري مبررا لبقاء مجلس الشوري فقد كان مجرد فاترينة لتجميل سيئات النظام‏,‏ وفي تقديري أن مجلس الشعب يكفي وينبغي أن يتقلص عدد النواب فيه بحيث لا يزيد عن‏300‏ أو‏350‏ عضوا وأن نعود مرة أخري إلي صورة البرلمان القديم في الحرص علي المستوي الفكري والثقافي للأعضاء‏,‏ بحيث يكون لدينا بالفعل برلمان قادر علي أن يحاسب ويناقش ويوجه‏..‏
وينبغي أيضا أن يتخلص البرلمان الجديد من نظام الحصص والكوته سواء للمرأة أو الأخوة الأقباط أو سنيدة النظام يجب أن تكون هناك انتخابات حرة لكل المصريين بكل انتماءاتهم وأفكارهم‏..‏
لا أتصور الابقاء علي نسبة‏50%‏ للعمال والفلاحين فالمجالس السابقة كانت قد تخصلت من الاثنين معا فلا كان فيها عمال ولا فلاحين وامتدت عمليات التزوير من لجان الانتخابات إلي مسوغات العضوية وغاب الفلاحون والعمال وجلس في مواقعهم عشرات من تجار وهواة الحصانة‏..‏ هنا يجب أن نفتح المجال للعمال والفلاحين دون تحديد نسبة أو شروط وأن كان الأمر يتطلب تنشيط دور اتحاد العمال بعيدا عن إشراف وتدخل الحكومة وجماعات المنتفعين مع إنشاء اتحاد مماثل للفلاحين فهم يمثلون نصف هذا المجتمع وليس لديهم اتحاد أو نقابة أوأي جهة تدافع عن مصالحهم وأنا هنا أطالب مجموعة من الفلاحين أن يتقدموا فورا إلي الحكومة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية لإنشاء اتحاد الفلاحين المصريين بحيث يدافع عن مصالحهم ويرعي شئونهم ويتصدي لكل من يحاول استغلالهم إن اتحادات المزارعين في الدول الغربية تقوم بدور كبير في تحديد أسعار المحاصيل والأسمدة والمبيدات وتحمي المزارع من استبداد وجشع الحكومات‏..‏
‏<‏ لا أتصور أن تبقي الموافقة علي إنشاء الأحزاب السياسية في مصر من سلطة أي جهة من الجهات ومع رحيل واختفاء مجلس الشوري يمكن أن نفتح الأبواب لإنشاء الأحزاب السياسية دون قرارات أو فرمانات أو طقوس إدارية غريبة ومريبة لا توجد إلا في مصر‏..‏
كان من أسوأ مخلفات العهد الماضي هو تلك الإجراءات العقيمة والشروط المستحيلة لإنشاء الأحزاب السياسية وكان ذلك أهم أسباب العقم السياسي الذي عانت منه مصر سنوات طويلة‏..‏ كان هناك أشخاص تخصصوا في إجهاض كل محاولة لخلق أجيال جديدة ومناخ سياسي حقيقي‏..‏ ولهذا ينبغي إغلاق ملف لجنة الأحزاب السياسية لاستقبال عصر جديد من الحريات يعيد للمصريين مناخا سياسيا صحيا بعيدا عن كل مظاهر التلوث التي عشناها في السنوات العجاف‏..‏
‏<‏ لا أتصور الاستمرار في سياسة منع النشاط السياسي في الجامعات‏..‏ إن هذه السياسة كانت أكبر جريمة في حق شباب مصر الذي حرمناه من التعبير عن آرائه وتركناه فريسة للعشوائيات الفكرية والدينية والسياسية‏..‏ إن الجامعة هي المكان الأفضل للحوار السياسي من حيث العمر والتأثير والمناخ الصحي‏..‏ إنها الفترة الأهم في تشكيل عقول الشباب ومواقفهم الفكرية ورؤيتهم للحياة والأشياء والبشر‏..‏ ولا أتصور أحزابا بلا شباب أو جامعة بلا حوار وهنا يجب أن نفتح المجال أمام جامعاتنا لاحتواء أفكار شبابنا وأحلامهم لأن تحريم النشاط السياسي في الجامعات كان سببا في سيطرة تيارات معينة وجدت فرصتها في غياب الحوار وتشجيع النشاط السري وهنا أيضا يجب اختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالانتخاب وليس بالتعيين والتقارير الأمنية المشبوهة‏..‏
‏<‏ سوف تجد الأحزاب السياسية المصرية نفسها تواجه مأزقا خطيرا ومنافسة شرسة في الشارع المصري في الفترة القادمة لقد استكانت هذه الأحزاب لواقع سياسي مريض سنوات طويلة فلا هي وجدت فرصتها في الشارع أمام محاذير كثيرة فرضت عليها ولا هي استطاعت التأثير في المناخ السياسي ولهذا سقطت في دوامات الإحباط والسلبية إن الصوبات التي أقيمت فيها هذه الأحزاب كانت من الجرائم السياسية الكبري‏,‏ إن فتح المجال أمام تكوين الأحزاب السياسية سوف يفتح أفاقـا واسعة للحوار والمنافسة المشروعة وعلي هذه الأحزاب أن تستعد من الآن لأدوار جديدة سوف يفرضها مناخ سياسي فكري جديد‏..‏
هنا أتوقف عند حزب الوفد بتاريخه ورصيده في وجدان الشعب المصري ولا شك أن أمامه فرصة تاريخية ليؤكد وجوده مرة أخري علي كل المستويات وهذا ينطبق أيضا علي حزب التجمع وأمامه فرصة كبيرة في قطاعات الشباب والعمال والفلاحين‏,‏ ولا أحد يدري ما هو مستقبل الحزب الوطني بعد كل الضربات التي تعرض لها والانهيارات الحادة التي أصابته وهل يمكن أن يلملم أشلاءه المبعثرة ويعود للحياة مرة أخري أم أنه تحول إلي ماض لا مستقبل له‏..‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق