الجمعة، 1 أبريل 2011

كى لا تبتذل الثوره

موضوع التظاهر فى قلب القاهرة أصبح يحتاج إلى مراجعة وضبط، حتى لا يتحول ميدان التحرير من ساحة ورمز للثورة إلى بؤرة لتشويه الثورة وابتذالها.

لست ضد مبدأ التظاهر فى الميدان ولكن دعوتى تستهدف مجرد مراجعة وضبط العملية.

ولعل البعض يذكرون اننى كنت قد دعوت إلى استمرار التظاهر كل يوم جمعة فيما نشر لى فى هذا المكان يوم 2/3 تحت عنوان «استمرار التظاهر واجب الوقت». وهذه الدعوة اطلقتها أثناء وجود السيد أحمد شفيق رجل مبارك على رأس الحكومة. التى ضمت بعض وجوه النظام السابق. وكان هدف الدعوة هو التضامن مع المطالبة الشعبية باقالة رئيس الحكومة واستبعاد تلك الوجوه، لإعلان القطيعة مع ذلك النظام.

وقد كان التظاهر ــ ولايزال ــ هو الصيغة الوحيدة المتاحة للتعبير عن رأى الشارع ومخاطبة السلطة.

كما أن الميدان أصبح المنبر الوحيد المتوفر لإعلان صوت الشارع. إذ لم يعد سرا ان النظام السابق دمر أغلب مؤسسات المجتمع المدنى بحيث لم تعد لدينا أحزاب حقيقية ولا نقابات مهنية أو اتحادات عمالية، رغم أن لدينا ما لا حصر له من اللافتات التى تحمل تلك المسميات.

بعد ازاحة حكومة مبارك واستبعاد رجاله تحقق أحد المطالب الأساسية للثورة، خصوصا حين رأس الحكومة شخصية موثوقة اكتسبت شرعيتها من انتمائها إلى المتظاهرين فى ميدان التحرير، وهو ما يطرح سؤالين هما: كيف يمكن الاسهام فى انجاح مهمة تلك الحكومة؟ ثم كيف يمكن أن يظل الشارع حاضرا ومساهما فى الضغط على السلطة لتحقيق بقية المطالب المشروعة؟

اقتراحى المحدد كالتالى: ان يتوافق ممثلو جماهير 25 يناير على مجموعة من المطالب الأساسية للمرحلة المقبلة (حبذا لو أدرجها رئيس الوزراء فى برنامج حكومته) منها مثلا: اطلاق الحريات العامة بما فى ذلك حرية تشكيل الأحزاب لاستعادة الحيوية السياسية قبل الانتخابات التشريعية القادمة ــ إلغاء قانون الطوارئ واطلاق سراح المعتقلين السياسيين ــ محاسبة المسئولين عن قتل المتظاهرين وتطهير جهاز أمن الدولة..
الخ.

وفى حالة الاتفاق على هذه العناوين أو غيرها وعلى آجال تنفيذها، تتوقف المظاهرات تماما، فى حين تستمر الجهات التى تمثل جماهير الميدان (مجلس أمناء الثورة والائتلاف مثلا) فى متابعة الموقف ومراقبة التنفيذ. ولها ان تدعو الشعب إلى التظاهر مجددا إذا تبين أن هناك اخلالا بما اتفق عليه، ويستمر الأمر كذلك إلى حين يتم انتخاب مجلس نيابى جديد يمثل إرادة الشعب.

إن التزام الحكومة بتنفيذ مطالب الشعب، ينبغى أن يستتبعه انفضاض الجمع المرابط فى ميدان التحرير تمهيدا لإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية فى العاصمة وفى غيرها من مدن الثورة.

وسيساعد على ذلك كثيرا لا ريب ان تظهر الشرطة لكى تؤدى واجبها فى إعادة الانضباط إلى الشارع ووقف الانفلات الأمنى الذى أصبح عبئا على المجتمع وعلى الثورة.

أدرى ان ثمة مجموعات ظلت مصرة على البقاء فى ميدان التحرير، تتراوح أعدادها ما بين 300 و500 شخص، وهذه المجموعات تنقسم إلى فريقين، فريق الشبان المتحمسين الذين يعتبرون ان بقاءهم فى الميدان هو الضمان الوحيد لتنفيذ مطالب الثورة، الفريق الآخر يضم أعدادا من العاطلين عن العمل الذين اعتبروا أن انتظامهم فى الميدان بمثابة وظيفة بديلة لهم. وإلى جانبهم آخرون تعاملوا مع الميدان بحسبانه سوقا يروجون فيها بضاعتهم ويرتزقون منها. وأغلب الظن أن هؤلاء وهؤلاء لم يكونوا من ثوار الميدان لا فى 25 ولا فى 28 يناير، وانما التحقوا به بعد ذلك، إما بدافع من الحماس أو الرغبة فى الانتفاع.

إذا اعتبرنا أن وجود المتحمسين فى الميدان من قبيل ممارستهم لحقهم القانونى فى التظاهر السلمى الذى يمكن أن يستمر لبعض الوقت، فإن وجود غيرهم من البلطجية والباعة الجائلين يعد نوعا من ابتذال الميدان الذى ينبغى التعامل معه بحزم. ولا أجد سببا للتسامح معه من جانب جهات الاختصاص فى السلطة.

لقد سارع البعض إلى إعلان ضيقهم واستيائهم من المشهد الراهن فى ميدان التحرير، فظلموا الثورة بذلك التسرع، لأن الثوار الحقيقيين هم الذين حافظوا على الميدان، وغيرهم هم الذين قصفوه حينا وابتذلوه فى أحيان أخرى.

تنويه : تمت كتابة هذا المقال قبل صدور قرار فض الاعتصام فى ميدان التحرير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق