الجمعة، 1 أبريل 2011

الشعب يريد اسقاط النظام

نريد أن نبقى على الهتاف مدويًا في الفضاء المصري، لأنني صرت أسمعه في الجزائر تارة وفي عدن وصنعاء تارة أخرى، في حين اختفى من مصر تماما، لذلك خشيت أن يظن الذين ظلوا يرددونه كل يوم طوال أسبوعين على الأقل أن مهمتهم قد انتهت حين تنحَّى «الرئيس» عن منصبه.

ما دعاني إلى الدعوة إلى استحضار النداء أن ما نشهده الآن في مصر يذكرنا بأن رأس النظام وحده الذي سقط في حين أن جسمه لا يزال موجودا ولم يكف عن الحركة التي لا نستطيع أن نطمئن إلى براءتها. فثمة إشارات لاحت مؤخرا، بدا منها أن بعض المنتفعين بالنظام يحاولون الالتفاف على الثورة، ولا نستبعد منهم أن يسعوا إلى إجهاضها.

ولا سبيل إلى التصدي لذلك إلا بدق الأجراس التي تلفت الأنظار إلى أن الشعب غير مستعد للتنازل عن مطلب إسقاط النظام، كما تنبه إلى محاولات القفز والإجهاض التي يراد لها أن تختطف الثورة أو تفرغها من مضمونها.

أدري أنه لم تمض سوى أيام معدودة على تنحى الرئيس مبارك وتولى المجلس العسكري للسلطة في البلاد.
وأعرف حجم المهام الجسام التي ينهض بها المجلس في إدارته لمجتمع تعرَّض للنهب والتشويه والإفساد طيلة ثلاثين عاما.

كما إنني لا أستطيع أن أتجاهل أن المجلس سارع إلى إصدار عدة قرارات لمحاربة الفساد والحفاظ على ثروة البلد أدت إلى حبس بعض كبار المسؤولين السابقين ومنع آخرين من السفر والتحفظ على أموالهم.

ولا نستطيع أيضا أن نتجاهل أخبار الضغوط الداخلية الممثلة في الإضرابات والمطالبات التي انتشرت في بعض المؤسسات والوحدات الإنتاجية، وكذلك ضغوط الدول الكبرى التي تريد لحركة الثورة أن تتساوق مع إستراتيجيتها وحساباتها الإقليمية.
وهو ما يصور مدى جسامة المسؤولية الملقاة على كاهل العسكريين الجدد، كما يصور حجم الجهد الهائل الذي يبذلونه لتحقيق الإنجاز والاستقرار على كل تلك الجبهات.

نقدر ذلك الجهد، إلا أننا لا نستطيع أن نخفي قلقا إزاء المعلومات التي تسربت حول موقف فلول النظام الذي دعت الثورة إلى إزالته.

هذه المعلومات تقول إن أركان النظام السابق الذين لم يختفوا تماما يتحركون، وأن تحركاتهم تلك ليست في صالح الثورة، يشجعهم على ذلك أن رجالهم لا يزالون موجودين على رأس المؤسسات الإعلامية التي أسهمت طول الوقت في التضليل والكذب والتشويه،

كما أنهم على رأس المؤسسات الأمنية التي مارست القمع والتعذيب وإذلال المصريين، وفي مقر رئاسة الجمهورية التي لا تزال جسورها مفتوحة مع الرئيس السابق. وثمة تسريبات تحدثت عن أن بعض المنتفعين من الحزب الوطني الذي أحرقت الجماهير مقره بدؤوا يتحركون خلال الأيام القليلة الماضية، وأنهم شرعوا في الإعداد لخوض الانتخابات القادمة، تحت مسميات أخرى،

من ناحية أخرى، فهناك تساؤلات حول الأيدي التي حركت الإضرابات والاعتصامات التي جرت مؤخرا في العديد من المصانع، وحول ملابسات خروج جماعات من السلفيين فجأة في أكثر من مظاهرة رفعت شعارات مريبة في مضمونها وفي توقيت إطلاقها. وهناك شك في أن يكون ذلك كله مرتبا لإحداث الفوضى وإثارة الفتنة في البلاد.

أدري أن المجلس العسكري تولى السلطة منذ أيام قليلة وانه يُظلم إذا طولب بتغيير كل شيء في البلاد خلال تلك الفترة الوجيزة إلا أنني تمنيت عليه أن يتبنى مواقف معلنة تهدئ الخواطر وتزيل أسباب البلبلة والشك التي بدأت تراود البعض.
وهو ما تحققه إجراءات من قبيل إطلاق سراح سجناء الرأي والذين انتهت محكومياتهم ولا يزالون تحت الاعتقال،
وتنحية القيادات الإعلامية والأمنية التي لوثت عقول الناس وأذلتهم طوال الثلاثين عاما الماضية،
والوعد بوقف التعذيب وإغلاق مقاره التي اعتبرت فروعا لجهنم،
وحظر الاعتقال العشوائي الذي لاتزال أجهزة النظام القديم تمارسه حتى هذه اللحظة.

إننا لم نعرف حتى الآن من الذي أصدر قرار سحب الشرطة وفتح السجون وإثارة الفوضى، ولا مَن المسؤول عن قتل المئات وجرح الآلاف، وبالتالي لم يحاسب أحد على تلك الجرائم، الأمر الذي يضيف أسبابا جديدة للحيرة والبلبلة.

من ثَمَّ فما لم يقدم المسؤولون في المجلس العسكري على شيء من هذه الخطوات، أو على الأقل يعدون بإنجازها في توقيتات محددة، فإننا ينبغي ألا نتوقف عن الهتاف قائلين:
الشعب يريد إسقاط النظام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق