السبت، 2 أبريل 2011

استمرار التظاهر واجب الوقت

تدعونا كتابات عدة هذه الأيام إلى ضرورة التحلي بالمسؤولية والكف عن النظر إلى الماضي، وعدم المبالغة في اتهام المسؤولين ورجال الأعمال، لتخلص إلى المطالبة بأن ينصرف كل واحد إلى عمله وأن تنفض المظاهرات والاعتصامات، حتى يعود الهدوء والاستقرار إلى ربوع مصر، ويتم تشغيل حالها الواقف، ويبدي أصحاب تلك الكتابات قلقا شديدا على السياحة والاستثمار الأجنبي، كما يبدون تحذيرا مما وصفه أحدهم بالوقوع في مستنقع الفوضى.

لأول وهلة، لا يستطيع أحد أن يعترض على شيء من هذا الكلام الذي يبدو بريئا في ظاهره، لكنك إذا دققت في مقاصده، ولاحظت أسماء كاتبيه فستكتشف أنه من قبيل الحق الذي يراد به باطل، حيث الدفاع عن الذات فيه مقدم على الدفاع عن الوطن أو المستقبل، كما أن رائحة النفاق فيه تفوح بوضوح.
لا أريد أن أسمى حتى لا أحرج أحدا، فضلا عن أنني واثق من أن أي قارئ بات يعرف جيدا من الذي يدافع حقا عن الوطن وحلمه، ومن الذي يدافع عن ثروته وأسياده،

لكنني أريد أن أقول إنه كما أن بعض الشرفاء رفعوا في العهد السابق شعار «كفاية» لحكم الطغيان، فإن أصحابنا هؤلاء باتوا يرفعون في طيات كلامهم الشعار ذاته لهدف آخر تماما هو «كفاية» للثورة ونداءاتها.
التركيز المستمر على وقف التظاهرات لا يراد به وقف الفوضى، وإنما يستهدف إسكات صوت الجماهير، الذي يخوف هؤلاء ويثير فزعهم استحضار الصوت وترديده في الفضاء المصري.

ولهذا السبب بالذات فإنني أدعو إلى استمرار التظاهرات وعدم إيقافها تحت أي ذريعة، وللدقة فإنني لست معنيا بإزعاج فلول النظام السابق بقدر عنايتي باستمرار ارتفاع ذلك الصوت لكي يصل إلى كل الأطراف، فإلى جانب أنه يبعث بتحذير إلى تلك الفلول لكي تلزم حدودها، أو جحورها، فإنه يوجه رسالة أخرى إلى القابضين على الزمام الآن تنبههم إلى أن جماهير الثورة ستظل مستنفرة ومفتوحة الأعين، حتى يتحقق مطلبها الأساسي المتمثل في إسقاط نظام مبارك وطي صفحته.

الرسالة الثانية هي الأهم، لأنني أزعم أنه لا تتوافر في مصر وسيلة لإعلان التمسك بالمطالب والضغط لتحقيقها سوى التظاهرات التي تخرج إلى الشارع، الذي أصبح المنبر الوحيد للجهر بالرأي وتوجيه المطالب إلى قادة الجيش،

إذ بعد تجفيف الحياة السياسية عبر سد قنواتها وإماتة خلاياها صار الشارع هو الحل، وما حدث في ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر في طول البلاد وعرضها يؤكد هذه الحقيقة،

إذ لولا ذلك الخروج الكبير لما تحرك شيء في مصر ولما تزلزلت أركان دولة الفساد والظلم.
في ضوء هذه الخلفية فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح ليس ما إذا كانت التظاهرات تستمر أم لا، وإنما هو كيف يمكن لها أن تستمر بما يخدم أهداف الثورة ولا يثير الفوضى ولا يصيب الحركة في البلد بالشلل،

أتحدث هنا عن مطالب الثورة وليس عن التظاهرات الفئوية، التي أحسب أنها ينبغي أن تعالج في إطار كل قطاع، إما برفع المظالم الواقعة على العاملين، أو الوعد بتحقيق المطالب الاجتماعية في آجال معلومة، علما بأنه لو كانت لدينا نقابات عمالية محترمة، مختلفة عن تلك التي أدارتها أجهزة أمن الدولة في السابق، لصار التعامل مع تلك المطالب أيسر ولكانت خسائر الإضرابات أقل بكثير.
إنني إذ أدعو إلى استمرار التظاهرات التي تتعامل مع الشأن السياسي العام، فإنني اشترط لذلك ثلاثة شروط.

أولها أن يتم التوافق حول مطالب أساسية محددة تتعلق بأهداف الثورة.
وثانيها أن يتم التظاهر يوم الجمعة فقط من كل أسبوع، الذي تتعطل فيه المصالح الحكومية وتتوافر فيه الحشود الجماهيرية بشكل طبيعي، وهو ما يعني الامتناع عن خروج أي تظاهرات خلال الأسبوع.
الأمر الثالث أن تشرف المجموعات التي تمثل القطاع الأكبر من جماهير الثورة على تنظيم التظاهرات والتدقيق في هويات المشاركين فيها كما كان يحدث من قبل، للحفاظ على سلميتها واستبعاد العناصر، التي تحاول استغلالها لأي أهداف غير مشروعة.

أذكر أخيرا أن عمر الثورة لا يتجاوز خمسة أسابيع، أن اقتلاعها لنظام جمد الحياة في مصر طيلة ثلاثين عاما ليس بالأمر الهين، كما أنه لا يمكن أن يتم بالمجان.
محمد مدحت عمار
مدير مدونة جيل النصر

هناك تعليق واحد:

  1. حماك الله لمصر فقد كنت في تلك الفتره شعله مضيئه يهتدى بها
    ارحت قلوبنا فنحن نحتاج لمثلك يثبتنا في هذا الموقف واتفق في قصر التظاهر علي يوم الجمعه وذلك لمنع الوقيعه بين الشعب والجيش وخاصه في حالة تواجد معتصمين قله
    ولكن باذن الله لن يخفض صوت ولن تنكس رايه الله رافعها وحاميها فهذه هي ارادة الله

    ردحذف