الجمعة، 8 أبريل 2011

معركة النقاب , وتدليس المنافقين رداً على مقال عبده مباشر نائب رئيس الأهرام

شيخ الأزعر وهو ينزع الحجاب من على رأس طالبة أزهرية


الحقير بورقيبة وهو ينزع الحجاب من فوق رؤوس التونسيات

طالعتنا جريدة الأهرام فى عددها الصادر يوم الأحد 15 نوفمبر 2009 فى صفحتها العاشرة بمقال للكاتب عبده مباشر تحت عنوان " معركة النقاب" لم أر أنه إختلف كثيراً فى محتواه عن ما جاء فى مجموعة مقالات نشرت بمجلة روزا اليوسف- للكاتب إسماعيل حسنى المعروف بمحاربته ليس للنقاب فحسب بل للحجاب أيضاً- سواءً فى التوجه الذى أراه معادياً لشرائع الإسلام أو أسلوب الإستدلال المنافى لمنهجية البحث العلمى الدقيق ومخالفاً لمبدأ الأمانة العلمية فى عرض الآراء المختلفة.

وأول شىء أردت التعليق عليه فى المقال المشار إليه هو عنوان المقال " معركة النقاب" وهو مصطلح يدل بصورة لا تدع مجالاً للشك على أن الكاتب يعتبر الجدل المثار حول فضيلة النقاب ميدان من ميادين المعارك والحروب ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الأن على الكاتب "حربٌ بين من ومن؟" وفى ظنى أنه يعتبرها حرباً بين الإسلاميين -وهم الظلاميون الرجعيون من وجهة نظر الكاتب- وبين دعاة الحداثة ومن يسمون أنفسهم بالتنويريين ومعروف أن هؤلاء هم العلمانيون الذين لا يرون أن شرائع الإسلام تصلح لأن تكون منهاجاً متكاملاً لإدارة شؤون الحياة الدنيا بل يذهبون لأبعد من ذلك وينعتون الإسلام بما ليس فيه بأنه ظلامية وأنه سبب الردة الحضارية والتخلف عن ركب تقدم الأمم.

والغريب فى الأمر أن قضية النقاب وإن كانت بالفعل هى إحدى القضايا الخلافية الفقهية السائغة بين علماء الأمة القدامى أو المحدثين إلا أنها لم تأخذ يوماً من الأيام ذلك المنحى الحربى و الطابع القتالى الذى يروج له الكاتب بمقاله لأن هؤلاء العلماء المختلفين فى أرائهم لم ينكرأحدهم على من خالفه الرأى، إعمالاً للقاعدة الفقهية المعروفة "ما خلاف فيه لا إنكار فيه" ولم يستعدِ أى منهما من خالفه ولم يجبر أى فريق منهما الفريق الأخر على العمل برأيه هو؛ خاصة وأن حقيقة الخلاف حول قضية النقاب لم تكن يوماً ما حول ِحلّه من حرمانيته بل كان الخلاف وما زال حول فرضيته من إباحته وبالتالى فإن من قال بعدم فرضيته- كأمثال الشيخ محمد الغزالى والدكتور يوسف القرضاوى أوغيرهم من قدامى علماء وفقهاء الأمة- لم ينكر أحدهم على من إعتبره فرضاً فعله ولم يقل بحرمانية لبس النقاب بل الراسخ والثابت عندهم أن الحجاب فرض عين على كل مسلمة عاقلة بالغة وأن النقاب أمر مباح أقره المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام لأنه لم يرد عن أحدهم نص يحرم لبس النقاب رغم أن هناك من الصحابيات من كن يرتدينه أمام النبى وصحابته. إذن الأمر لم يتعدى كونه أمراً مباحاً يعذر فيه المسلمون بعضهم بعضاً ولم يؤدى فى يوم من الأيام هذا الخلاف الفقهى إلى خصومة بين علماء أو أفراد الأمة على طول تاريخها. وفى هذا السياق نجد أن الكاتب قد إستند فى صياغته لمقاله إلى قاعدة من قواعد الحروب ألا وهى أن الحرب خدعة فخدع قراءه و أخذ يسوق بعض الأدلة التى يستند إليها العلماء الذين يقولون بإباحة النقاب فقط مع عدم فرضيتة -كأمثال الشيخ محمد الغزالى والدكتور يوسف القرضاوى- دون أن يوضح رأيهم النهائى فيه ليوهم القارىء بأنهم يحرّمون النقاب وهذا ما يعتبر تغييراً وتبديلاً للحقائق. ويحاول الكاتب أيضاً أن يوهم القارىء بأن هناك تأييدا من هؤلاء لموقف شيخ الأزهر الذى حاد فيه عن قاعدة ما خلاف فيه لا إنكار فيه وبالتالى فقد قولّهم ما لم يقولوا حتى يكسب تعاطف قرائه ليقتنعوا بعد ذلك بما بدأ يسوقه من مغالطات تاريخية طعناً فى الإسلام وترويجاً للنهج العلمانى الذى يروج هو له. والدليل على ذلك أنه بعد عرضه لبعض أسانيد من قال بعدم فرضية النقاب أخذ يسوق أسانيد غير صحيحة وغير موثوق بها لا تطعن فقط فى النقاب بل تطعن فى الحجاب -وهو فرض معلوم من الدين بالضرورة- وفى شرف وطهر آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأمر الثانى الذى أردت التعليق عليه بشىء من التفصيل.

فقد كتب عن عائشة بنت طلحة -إبنة أحد المبشرين بالجنة - وعن سكينة بنت الحسين حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نصه " كن يجلسن في مجالس الأدب‏,‏ ويخالطن الشعراء والأدباء والمطربين‏..كما أن أحدا من بيت النبوة وعلي رأسهم الإمام علي زين العابدين بن الحسين أخو سكينة لم يعترض ولم يطالبهن لا بحجاب أو نقاب‏,‏ كما لم يمنعهن أحد من هذا الاختلاط ومما يحكي عن عائشة بنت طلحة زوجة مصعب بن الزبير‏,‏ أن القوم كانوا يستأذنون للنظر إلي حسنها‏,‏ فكانت تطلب إمهالها إلي أن ترتدي أحسن ثيابها‏.‏ وعندما عاتبها زوجها‏,‏ قالت له‏:‏ إن الله وسمني بميسم الجمال‏,‏ فأحببت أن يراه الناس‏,‏ فيعرفون فضلي عليهم‏,‏ وما كنت لأستره‏". ولنا عند هذه الكلمات وقفات كثيرة منها :

أولاً : دعونا نعرف المصدر الذى إستقى منه الكاتب هذا الكلام لنعرف مدى مصداقيته خاصة وأن الكاتب تجنب الإشارة للمرجع ليظن القارىء أن هذه الآثار الباطلة من الأسانيد التى يستند إليها العلماء من الفريق القائل بعدم فرضية النقاب وهذا محض إفتراء لأنى لم أجد من العلماء من ساق مثل هذه المواقف كدليل يؤيد رأيه لعلمهم بخبث وكذب وإفتراء من من ساقها ألا وهو أبو الفرج الأصفهانى فى كتابه الشهير الأغانى والذى إعترض عليه كل علماء الجرح والتعديل ودعونى هنا أسوق لحضراتكم بالحجة والدليل بعض ما قاله العلماء فى أبو الفرج الأصفهانى:

قال ابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم( ج14ص 52): (( ومثله لا يوثق بروايته، فإنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق ويهون شرب الخمر وربما حكى ذلك عن نفسه ومن تأمل كتاب الأغاني رأى كل قبيح ومنكر... )).وقال ابن كثير في البداية والنهاية (ج11ص236): (( الأموي، صاحب كتاب "الأغاني" وكتاب "أيام العرب"، ذكر فيه ألفاً وسبعمائة يوم من أيامهم، وكان شاعراً أديباً كاتباً عالماً بأخبار الناس وأيامهم، وكان فيه تشيع )). ثم نقل كلام ابن الجوزي وأقره. وقال الذهبى في السير (ج11ص202) : (( والعجبُ أنه أمويٌّ شيعي. قال ابن أبي الفوارس: خلّط قبل موته.قلت: لا بأس به. وكان وَسِخاً زَرِيّاً، وكانوا يتَّقون هجاءَه )) ثم ذكر له مجازفة من مجازفاته.وقال أيضاً في تاريخ الإسلام (ص144 / وفيات : 351-380) : (( روى عن طائفة كثيرة، وكان إخباريّاً نسَّابةً شاعراً، ظاهر التشيُّع )). ثم قال بعدها بسطور:(( وهذا عجيب إذ هو مروانيّ يتشيع)).وقد ذكر له ياقوت الحموي في معجم الأدباء (ج 5ص 59) جملة من الأخبار والأشعار والحكايات ما يدل على أن الرجل ساقط العدالة منحرف الأخلاق وما إلى ذلك من تصنيفه كتب في "أخبار القيان"، "والخمارين والخمارات"، "والغلمان المغنين" ؟!!، وتلفظه في الهجاء بألفاظ قبيحة قذرة كهجاءه لطازاد النصراني الكاتب، وكذا خبره مع المرأة النصرانية وما أنشده فيها، وما ذكره من تهوينه لشرب الخمر وما حكاه هو عن نفسه في شربه له، ومشاهدة النساء الفاتنات والجلوس مع المردان وعشقهم كقصته مع ابن الجند، فهذا الذي ذكره ياقوت الحموي في ترجمته حجة كافية في إسقاط عدالة هذا الرجل على قلة ما نقله عنه من أخبار، فما بالك بكتابه الأغاني.ومن أراد معرفة الكثير من أخبار أبى الفرج الأصفهانى فليطالع كتاب السيف اليمانى فى نحر الأصفهانى صاحب كتاب الأغانى للأديب والشاعر الكبير الأستاذ وليد الأعظمى الذى صدر عن دار الوفاء سنة 1408 هـ. والذى أماط فيه اللثام عن شعوبية الأصفهانى «والشعوبي بالضم محتقر أمر العرب » كما جاء فى الموسوعة الحرة على الإنترنت وقال عنها القرطبي هي حركة «تبغض العرب وتفضل العجم» والموسوعة البريطانية تترجمها إلى (anti-arabisim) وبأنها كل اتجاه مناوئ للعروبة.

ثانياً : قد لاحظت أن الكاتب قد زاد على ما قاله أبو الفرج الأصفهانى حينما إتهم الإمام على زين العابدين بأنه لم يطالب السيدة سكينة والسيدة عائشة بنت طلحة بحجاب أو نقاب. وقد أراد الكاتب هنا أيضاً إيهام القارىء بأن الحجاب هو أيضاً ليس من الإسلام وهذا فى رأيى نوع من أنواع دس السم فى العسل إضافة إلى أنه ينم على الحقد الدفين الذى يكنه الشعوبيون الجدد من العلمانيين ودعاة الأمركة والتغريب للإسلام وشرائعه ورغبتهم فى خلخلة كل ما هو ثابت فى عقيدتنا بدعوى حرية الرأى والتعبير والرغبة فى دفع عجلة الحداثة والتقدم. والغريب أن ما ساقه الكاتب من أخبار هى وبنفس النص والأسلوب ما ساقه الكاتب العلمانى إسماعيل حسنى فى مقاله بمجلة روز اليوسف بعنوان" ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون" بتاريخ 8 أغسطس 2009. ومقاله المنشور بتاريخ 17 أكتوبر 2009 فى ذات المجلة بعنوان "صَدْر الإسلام لم‮ ‬يعرف الحجاب‮!‬". أيضاً لاحظت أن هذه المواقف منقولة وبنفس النص من منتديات تبشيرية تسب الرسول الأكرم وصحابته الأطهار. وهذا كله يدعونى ويدعوا كل مراقب لما يكتبون إلى أن أشك أن هناك تنسيق مسبق بين هؤلاء وغيرهم لشن هذه الحرب على الإسلام ومعتقداته خاصة بعدما طالعت تقرير مؤسسة راند الأمريكية المنشور فى مايو من عام 2007 بعنوان (BUILDING MODERAT MUSLIMS NET WORK ) وترجمته "بناء شبكة من المسلمين المعتدلين" والذى تدعوا فيه الإدارة الأمريكية لشن حرب فكرية على الإسلام ومعتقداته -على غرار الحرب الباردة مع الشيوعية- من خلال مجموعة من المسلمين الذين يؤمنون بالمبادىء الأمريكية والذين لا يرون أن الإسلام منهاجاً قادراً على إدارة شؤون الحياة الدنيا كأمثال فريق ما يسمى بالقرآنيين و العلمانيين. وبالطبع لنا العذر فى هذا الظن لأنه ليس صدفة أن يتكرر نفس الكلام وبنفس النص فى ذات الموضوع وبنفس الأسلوب...!!.

من جملة ما قاله الكاتب فى مقاله أيضاً ما نصه ((لقد عرفت مصر مثل هذا الاختلاف حول مثل هذه القضية منذ أكثر من مائة عام عندما أصدر قاسم أمين كتابيه تحرير المرأة والمرأة الجديدة‏,‏ وتمكن تيار الاستنارة والتقدم من دحر قوي التخلف والظلام‏ وها هم يحاولون الآن إعادة مصر إلي الخلف بعد مائة عام من نجاح قوي التنوير في الانطلاق نحو المستقبل. وهنا أقول للكاتب أى نجاح وأى تنوير وتقدم تتكلم عنه ؟؟!! أليس كل ما نعانيه هذه الأيام من تخلف علمى وإقتصادى وأخلاقى هو بعض ثمار تحكم هذا التيار التنويرى -كما تسميه- فى مقدرات أمتنا ألم يبدأ هذا التيار منذ مائة عام فى مشروعه الحضارى كما يسمونه وكما تقول ولم نر أى أثر حضارى فى واقعنا سوى إزدياد حالات التحرش الجنسى وإرتفاع معدلات جرائم الزنا والإغتصاب وإمتلاء شوارعنا بأعداد تنذر بخطر من أطفال الزنى وأطفال الشوارع إضافة إلى الفساد الذى إستشرى وتغول وأصبح له أنياب ومخالب.

ومما إختتم به الكاتب مقاله ما نصه "العالم من حولنا يقفز إلي الأمام علميا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ورياضيا‏,‏ وهؤلاء المحبطون والعجزة يعيدون طرح قضيتي النقاب والحجاب ولا يعنيهم من الأمر سوي فرض وجهات نظرهم وإرهاب الجميع‏" إنتهى كلام الكاتب. والسؤال الذى يطرح نفسه رداً على هذا الإدعاء.. من الذى يرهب الآخر ويصدر قرارت رسمية تصادر رأى الأخر دعاة النقاب أم دعاة التعرى ؟ ( واذكر هنا بمواقف شيخ الأزهر المعادية للنقاب) ومن الذى شغل الأمة بموضوع قتل بحثاً منذ قرون؟ دعاة النقاب أم محاربوه؟ وأترك هنا الإجابة للقارىء والتى بطبيعة الحال ستبرىء الحجاب و النقاب من تهمة أنهما سبب تخلف الأمة لأن تخلف الأمة الحالى هو نتاج أفكار وسياسات من قادها طوال العقود السابقة وبالطبع لم يكونوا هم الإسلاميون ولا المنتقبات بل العلمانيون والسافرات ودعاة الحداثة والتغريب لذلك يكون من الظلم والتجنى إتهام دعاة الإحتشام وتطبيق شريعة الله فى أرضه أنهم هم سبب ما نعانيه من مشاكل لأن قيادة الأمة غابت عنهم منذ سقوط الخلافة الإسلامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق