الاثنين، 11 أبريل 2011

كذبة ابريل وحيرته

يمكن أن يكون بريئا ذلك الخبر الذي قرأناه صبيحة الخميس الماضي (7/4)، وزف إلينا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحث مع الإسرائيلي شمعون بيريز سبل دعم الانتقال الديمقراطي في مصر، واستعادة الاقتصاد المصري لعافيته بعد الثورة؟

هذا السؤال ليس استفهاميا بأي معيار، لأن أي طفل في العالم العربي يعلم أن أياً من الرجلين لا تعنيه مصر إلا بالقدر الذي يؤثر على المصالح الأمريكية أو معاهدة السلام مع إسرائيل.

إذا صح ذلك ــ وعندي أنه صحيح ــ فهو يعني أن موضوع البحث ــ في حده الأدنى ــ كان كيف يمكن أن تظل المصالح الأمريكية مؤمنة وكذلك المعاهدة المشئومة مصونة لا تمس في ظل الوضع الذي طرأ بعد ثورة 25 يناير.


وهو يعني أيضا أن صياغة الخبر كانت مضللة، من حيث إنها حرصت على أن تضفي على اللقاء مسحة من البراءة صورت الرجلين باعتبارهما يقودان منظمتين خيريتين معنيتين بإشاعة الديمقراطية والرفاه في بر مصر، ولا هم لهما سوى ابتغاء وجه الله وإسعاد ملايين المصريين.

لست في وارد لوم لأي من الرجلين، لأنني أفهم أن كل واحد منهما كان يقوم بواجبه ويدافع عن مصالحه، ولكني فقط أتحفظ على رسالة الخبر المغشوش الذي أعتبره من ذيول كذبة أبريل، وأرفض استغفالنا واستغباءنا عبر دسِّه علينا بالصيغة التي نشر بها.


إذ ليس سرا أن الرجلين لم يسعدهما التغيير الذي جرى. فالرئيس أوباما فقد بسقوط الرئيس السابق حليفا إستراتيجيا، والسيد بيريز فقد كنزا إستراتيجيا. الأمر الذي يعني أنهما ضمن الخاسرين جراء ما جرى. وخسارة إسرائيل أكبر، لأن خسارة «الكنز» أفدح وأشد جسامة من خسارة «الحليف»، حيث الكنز حالة والحليف شخص،


وأي متابع لما نشرته الصحف الأمريكية والإسرائيلية يلاحظ ذلك التفاوت في درجة القلق لدى الإدارة الأمريكية والقادة الإسرائيليين.


فالأمريكيون سعوا إلى احتواء الحدث وقدموا بضعة ملايين من الدولارات سواء لتلبية احتياجات الحكومة المصرية أو بدعوى مساعدة التحرك الديموقراطي (بمعنى اختراق المنظمات الأهلية وحثها على تأمين المصالح الأمريكية).


أما إسرائيل فقد عكفت على إعادة النظر في إستراتيجيتها سواء ما تعلق منها بخطط إجهاض المشروع النووي الإيراني أو بطموحاتها في الساحتين الفلسطينية والعربية.


والطرفان يدركان جيدا أن مصر تغيرت بعد 25 يناير، وأن هذا البلد حين يسترد حريته فضلا عن كرامته. فإنه سيتصرف معهما بصورة مغايرة، تنحاز في حدها الأدنى إلى جانب مصالحه العليا وأمنه القومي.


وهذا الانحياز سوف يستصحب بالضرورة إعادة النظر في العديد من ملفات السياسة الخارجية وهو ما عبَّر عنه وأكده وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي.

وإذا كان المرء لا يستطيع أن يكتم توجسا من اجتماع واشنطن، فإنه لا يستطيع أيضا أن يخفي حيرته إزاء موقف بعض الأطراف العربية ــ النفطية خصوصا ــ التي ظننا أنها وليس أوباما وبيريز الأولى ببحث موضوع الدعم الاقتصادي لمصر في الظروف الراهنة.


وهي تعلم أن السياحة ضربت بعد الثورة، كما أن إيرادات قناة السويس تراجعت والاستثمارات سحبت وعجلة الإنتاج تعثرت، في ذات الوقت فإن إيرادات الدول النفطية زادت بنسبة 25٪ منذ بدأت انتفاضات الشعوب العربية في شهر يناير الماضي، الأمر الذي أضاف إلى خزائنها مليارات الدولارات لم تكن في الحسبان.

إن ثمة إشارات في الفضاء العربي تدل على أن بعض تلك الدول الشقيقة لم تسترح للتحول الذي حدث في مصر، وهي في ذلك لم تكن متعاطفة فقط مع الرئيس السابق ونظامه، ولكنها تحفظت أيضا على بعض توجهات السياسة الخارجية للنظام الجديد (التطبيع مع إيران مثلا).


وهذه المشاعر تكمن في خلفية الموقف السلبي. الذي أطلق الإشارات أو الشائعات التي أعنيها، وهو ما أرجو أن تكذبه الأيام المقبلة، لتثبت أنه من قبيل الظن الذي بعضه إثم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق