الجمعة، 8 أبريل 2011

نجاحات الثوره واخلاقها

هذه هي الحقيقة التي يجب أن ننتبه إليها، وهي أن استجابة القوات المسلحة لأي مطالب معلوم أنها تتسم بالبطء؛ لذا كان مطلبنا الأول هو اختيار مجلس رئاسي، تمثل فيه القوات المسلحة برقم لا يتعدى الثلث، لضمان الرؤية الشاملة، وانحيازًا لمستقبل مصر؛ الدولة التي يجب أن يحكمها المدنيون لا العسكريون! فلا يمكن أن نخرج من دولة بوليسية إلى دولة عسكرية.



لكن رغم ذلك فقد تحققت إنجازات لا يمكن إنكارها، بل يمكن أن نبني عليها روحًا جديدة تسري في مصر والمصريين؛ آخرها إقالة وزارة الفريق أحمد شفيق الذي رغم دماثة خلقه فقد كان عاجزًا عن اتخاذ قرارات فاعلة ضد المتسبب الحقيقي للثورة، أولئك الذين استعملوا العنف والبلطجة، أو الذين سرقوا ونهبوا وأفسدوا، فلم يحقق أي تقدم، خاصةً بعد إتاحة الفرصة لهم لتهريب الأموال، أو حرق وطمس المستندات، فكانت القرارات متأخرة ومعيبة ومثيرة للشك أكثر مما حققت طمأنينة؛ لذا كانت الإقالة فرحةً جديدةً للشعب المصري، زادها فرحًا تكليف الدكتور عصام شرف برئاسة الوزارة، وهو من الشرفاء القليلين الذين تولوا الوزارات في مصر، ولم يعمّروا مع المخلوع مبارك على غير العادة.



زاد المصريين فرحةً قراره بالمجيء إلى ميدان التحرير في بداية عمله، وهو ما يؤكد أن الشعب بدأ يستعيد حقه كمصدر للسلطات في مصر بعد طول غياب! نأمل من الوزارة الجديدة أن تفتح وتنهي بعض الملفات المهمة، مثل:

1- الإفراج عن المعتقلين السياسيين وشباب ثورة 25 يناير، والعفو العام عن القضايا التي أنهى أصحابها أكثر من نصف المدة بحسن سير وسلوك، وضبط إيقاع السجون التي تصفِّي حساباتها مع المسجونين فيها، مثلما يحدث من إجرام بسجن الأبعادية بدمنهور.



2- الإعلان عن القبض على كل القيادات الشرطية التي أصدرت أوامر بإطلاق النار على الشعب المصري، بدءًا من 25 يناير، ومحاسبة كل من شارك في هذه المذبحة.



3- تفكيك جهاز مباحث أمن الدولة، ومحاسبة قياداته على ما اقترفوه من أضرار وإفساد وتهديد لأمن مصر طوال ثلاثين عامًا، فأشاعوا الخوف والسلبية، ونهبوا حقوق المواطنين بعد تهديدهم وقهرهم.



4- إعادة هيكلة جهاز الشرطة وصياغته، وحبَّذا لو تولَّى أمرهم في هذه المرحلة الحرجة حقوقي سياسي، يعيد تأهيل رجال الشرطة مرةً أخرى، كي ينتشروا في ربوع مصر بوجه جديد، يجعل من شعار الشرطة في خدمة الشعب شعارًا حقيقيًّا.



5- استكمال عودة الجامعات والمدارس والبنوك والبورصة والمصانع والشركات إلى سابق عهدها، بعد الأخذ بيد من حديد على البلطجية والمنحرفين الذين صنعهم وأطلقهم النظام المخلوع.



6- النظر في الاحتياجات الحقيقية لكل فئات الشعب بعد حل المجالس الشعبية والنقابات العمالية التي لم تحسن تمثيل الشعب؛ نتيجةً لتزوير انتخاباتهم، وذلك بعمل انتخابات جديدة، مع النظر في بعض القوانين التي يمكن أن تصدر لتسهيل مهمة التمثيل الحقيقي بقرارات لها قوة القانون.



7- إتاحة الفرصة لتكوين الأحزاب السياسية الجديدة؛ كي تعمل وسط الشعب؛ استعدادًا للانتخابات البرلمانية التي ستؤسس لصياغة دستور جديد، وانتخابات رئاسية بالاقتراع الحر لأول مرة في مصر.



هذا جزء من المهمة العاجلة التي أرى أنه يجب أن تبدأ بها وزارة د. عصام شرف.

ما أريد أن أضيفه هنا هو: روح العدالة والانصاف والتسامح التي يجب أن تسود الفترة القادمة، وفقًا لتصفية الحسابات أو التشفي أو الانتقام الذي يسيطر على البعض في ظل انتصار الثورة، وهو ما أحذر منه؛ لأن هذا استنساخ من الحزب المحظور الذي أفسد البلاد والعباد، فلن نسمح لأحد أن يثير روح الانتقام هذه أو يعيد سياسات الحزب البائد الى الحياة السياسية في مصر، فليقتصَّ القضاء للمظلومين من الظالمين، وأغلبهم قيادات هذا الحزب الذين نهبوا وفجروا وتكبَّروا، ولْتسُد روح التسامح مع الآخرين الذين تم قهرهم على الانتساب لهذا الحزب الفاشل النازي الذي أفقر المصريين ثم اشتراهم خوفًا وطمعًا!.



تلك رسالتي حتى تنجح الثورة وتنال بركة الله التي أحاطت بها منذ البداية، فمن يظن أن هذا النظام المسلح الذي ملك كل شيء وجرف أخلاق المصريين وقيمهم وأشاع فيهم الخوف؛ فإذا به يسقط بمظاهرة سلمية لم ترفع سلاحًا، بل كانت ترفع شعارات سلمية سلمية، فكان النصر آيةً من آيات الله التي يجب أن نقدم لها هذه الروح التي تنشد العدالة والحرية والتسامح؛ تجميعًا للجهود، وإفشالاً لمحاولات إحياء العصبية لدعم ثورة مضادة لن تكون إن شاء الله.. ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق