الجمعة، 1 أبريل 2011

عن غزوة الصناديق

من الآن فصاعدًا ينبغي أن نهيئ أنفسنا لاستقبال واحتمال ما لا يعجبنا من أفكار ومواقف.

حيث ينبغي أن يكون معلوما للكافة أننا طالما ارتضينا أن نفتح الأبواب لرياح الحرية والديمقراطية، فسنخطئ كثيرا إذا توقعنا أن نسمع أو نشهد فقط ما نحبه وما يعجبنا من أفكار ومواقف.

إذ أزعم أن المعيار الحقيقي للالتزام بقيم الحرية والديمقراطية لا يقاس بمقدار حفاوتنا بما يعجبنا من أفكار، ولكنه يقاس بمقدار احتمالنا لما نرفضه ونكرهه أيضا.
لقد وجدت أن استدعاء هذه الخلفية مهم قبل مناقشة الخبر الذي أبرزته الصحف أمس عن قيام أحد الدعاة السلفيين بإلقاء خطبة في حي إمبابة احتفى فيها بتأييد أغلبية المصريين للاستفتاء على تعديلات الدستور، وهو ما اعتبره صاحبنا انتصارا فيما أسماه «غزوة الصناديق».

وقد تم تسجيل ذلك المقطع من الخطبة ووضعه على «اليوتيوب». مرفقا بعبارات أخرى من قبيل قوله إن الناس قالت نعم للدين، وإن تلك كلمة الشعب المصري، ومن لا يقبل بها فهو حر. وسنقول له مع السلامة خصوصا أن أمثال هؤلاء لديهم تأشيرات للولايات المتحدة وكندا.
هذا الكلام الذي شاهده كثيرون واستفز كثيرين وأخافهم، كما أنه أثار عاصفة من التعليقات التي كان بعضها منددا والبعض الآخر ساخرا.
سئلت في الموضوع فقدمت لرأيي بما ذكرته توا من أن تلك ضريبة الانتقال إلى الحرية والديمقراطية، وقلت إن لي رأيا مسجلا في التحفظ على الفكر السلفي ورفض آرائه. وعدم الاطمئنان إلى بعضها. كما أن لدي شكوكا أعلنتها عن اختراق الأجهزة الأمنية لمثل هذه الجماعات.
قلت أيضا إن رفضنا لذلك الفكر لا ينبغي أن يدعونا إلى إقصائه، لا هو ولا غيره طالما أن ممارسات دعاته تتم في حدود القانون ـ

وإذا جاز لنا أن نحترم وجوده ومنابره، فلا سبيل إلى التصدي له إلا بفكر آخر ينازله ويصوبه. مدركين أنه لم ينتشر في مصر إلا في ظل ظروف الفراغ التي خيمت في ظل النظام السابق.
قلت كذلك إننا ينبغي في ظل مناخ الحرية السائد أن نتوقع أفكارا عديدة متنوعة، بعضها شاذ وبعضها سوي.

ومن مسؤولية المؤسسات الدينية الرسمية على الأقل أن تدافع عن الفكر السوي لتحصين الأجيال الجديدة ضد الأفكار الشاذة والمتطرفة. وينبغي ألا نصدم أو نقلق لظهور تلك الأفكار. طالما أنها تشيع في دوائر محدودة الحجم والفاعلية.
بالتالي فإن المجتمع يصبح آمنا وبخير طالما أن جسمه الأساسي منحاز إلى الوسطية ومتمسك بها.


في هذا الصدد ذكرت أن مثل تلك الأفكار الشاذة والمتطرفة موجودة في كل الدول الديمقراطية، فهي موجودة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان. وهذا الذي سمعناه من بعض الدعاة السلفيين يتردد أضعافه وما هو أكثر شذوذا منه في تلك البلدان، ولكنه لا يؤخذ على محمل الجد، إلا من جانب بعض البسطاء أو المهووسين والمتطرفين.
ما يحدث في عالم الأفكار ينبغي أن نتوقعه فيما يتعلق بالأحزاب. ذلك أن إطلاق تأسيس الأحزاب بمجرد إخطار الجهات المختصة سيؤدي إلى ظهور عشرات الأحزاب الجديدة. وهو ما لا ينبغي أن يقلقنا أيضا لأن الصورة سوف تتغير بمضي الوقت ولن يبقى من العشرات إلا ما يقبل به المجتمع ويلتف حوله.

وللعلم فإنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية تأسس في اليابان 400 حزب جرت تصفيتها بمضي الوقت بحيث لم يعد يبقى منها الآن سوى 12 حزبا فقط. والأغلبية تلتف حول حزبين رئيسيين هما: الوطني الديمقراطي والليبرالي.
إن تعدد الأفكار وكذلك تعدد الأحزاب ينبغي ألا يصدمنا في شيء. لكن أكثر ما يزعجني هو التعامل الإعلامي مع تلك الظواهر الشاذة، لأنني لاحظت أن إعلام الإثارة يسلط أضواء قوية عليها بصورة غير مسؤولة تعطيها أكثر من حجمها، الأمر الذي يشوه الصورة الحقيقية ويشيع درجات متفاوتة من الذعر والتخويف من جراء ذلك.

والطريقة التي نشر بها أمس خبر خطبة الداعية السلفي في مسجد إمبابة تشهد بذلك. بل إن إحدى الصحف نشرت رسما كاريكاتوريا أمس ظهر فيه اسم مصر ولحية تطوق حرف الميم وكأن السلفيين صبغوا البلاد بصبغتهم.

إن المشكلة ليست في خطاب السلفيين فحسب، ولكنها أيضا في الإعلام غير المسؤول وسلوك دعاة الإثارة والمتصيدين.

هناك تعليق واحد:

  1. الفكر السلفى ليس فكر تكفيرى ولا رجعى ولا فكر متشدد فهو باختصار قرآن وسنة بفهم الصحابة وسلف الأمة فهو اتباع لما أمر به الله وما أمر به رسوله الكريم وكيف أن الإسلام دين ودولة ومنهج حياة متكامل كما أخبرنا الله عز وجل.فمن أراد التحقق فلبجلس مع هؤلاءالدعاة ويحاورهم ويناظرهم فكر بفكر وحجة بحجة ولا أعتقد أن الأستاذ فهمى يرفض المحاورةمع هؤلاء الدعاة إذا كان يريد أن يعرف حقيقة الفكر السلفى.وأريد أن أنبه الأستاذ فهمى أن الشيخ يعقوب ظهر على قناة الناس ورد على كل الاتهامات والافتراءات التى وجهت له وهذا الفيديو موجود على النت وأيضا فى خطبته الجمعة الماضية وضح موقفه وما كان يقصده من كلامه وقد نشرت بعض الصحف بعض ما جاء فى الخطبة

    ردحذف