الجمعة، 8 أبريل 2011

الحذر شعار المرحله

السادة ثوار مصر الكرام
عندما بزغ فجر حريتنا الوليدة من اشد لحظات اليأس واظلم ساعات الليل الذي أطبق على حياتنا ورقصنا فرحا لرؤية السيد/ عمر سليمان يقرأ خطاب التنحي ومن ورائه السيد المحترم الذي لم يخبرنا احد عن دوره حتى الآن ، في تلك اللحظة لم أجد نفسي مطمئنا كما هو حال الكثيرين من أبناء وطني فأنا بطبعي إنسان يجيد القلق. حاولت مراراً أن أتناسى قلقي الفطري واندفع نحو الفرحة والاحتفال بالنصر ولكنني لم أستطع إلا أن أكثر من القلق.
فهذا الرجل "حسني مبارك" أجاد باحترافية شديدة لعبة الحاكم والمحكوم لثلاثة عقود واستطاع بمهارة يحسدها عليه كل بهلوانات السيرك الرقص على كل الحبال من اجل الإبقاء على مؤخرته ملتصقة بكرسي الحكم ، هذا الرجل لن يستسلم بسهولة ولن يقر بالهزيمة ويقر بانتصار شعبه الذي اعتاده خانعاً مسلوب الإرادة ولكن هذا الشعب انتفض ثائراً في لحظة صنع فيها تاريخه بنفسه واستعاد مفاتيح البلاد ممن سطا عليها دون وجه حق. لا أعتقد أبداً أن مبارك قد استسلم لهذا القدر.
إن مبارك ليس مجرد فرد أو أسرة ، واقتصار فكرة تغيير النظام على مجرد التخلص من رأس هذا النظام هو خطأ استراتيجي. مبارك هو مؤسسة تضم الكثيرين ممن نراهم ومن لا نراهم. المستفيدون من عصر مبارك والمتخوفون على مصالحهم مما سيأتي بعد هذا النظام ليسوا فقط "العادلي وعز وجرانة والمغربي" ومن يخططون للانقضاض على الثورة وتغيير مسارها ليسوا فقط "عمر سليمان ورجاله في المخابرات وذئابه في امن الدولة وكلاب الحزب المحروق" وهم جميعا باقون في جحورهم يعضون أناملهم من الغيظ على هذا الشعب الذي ثار عليهم واسترد ما كانوا يعتبرونه عزبة مملوكة لفرعنوهم الإله وابنه نصف الإله يجودان منها عليهم بما يشاءا وقتما شاءا.
كذلك فأنني أرى أن إغفال التأثيرات الخارجية على الشأن المصري هو أمر جد خطير. وأعتقد أيضا أننا مقصرين في دراسة ردود أفعال الآخرين ونياتهم تجاه مصر وثورة شعبها وكذلك موقفهم من الجيش وانحيازه للشعب. فالكيان الصهيوني لم يخفي امتعاضه من الأمريكان والأوربيين لعدم مساندتهم مبارك حتى النهاية ولتفويتهم الفرصة على سليمان للانقضاض على الحكم وقد ذكرت "ويكيليكس" أن الأمريكيين والإسرائيليين غير راضين بالمرة عن الجيش ودوره ولم يخفوا شكوكهم تجاه قادته.
إن انشغال الرأي العام بتتبع رؤؤس الفساد وذيوله لا يكفي لاستمرار الثورة. ولكن حماية مكتسبات الثورة يقتضي أيضا الانشغال بتتبع نوايا ومخططات أتباع مبارك والمستفيدين من نظامه في الداخل والخارج. ولذلك وان كنت اتهم نفسي أحيانا بالسوداوية وسوء الظن فإنني لا أعتقد أنني أبالغ إن أنا رأيت أننا نجازف كثيرا إن نحن اكتفينا فقط بمتابعة ما يجري الآن من تحقيقات تجريها النيابة العامة وأعمال لجنة تعديل الدستور ، وان نحن أهملنا مبدأ الشك في نوايا هؤلاء وتناسينا عن حسن ظن منا أن لهم قدرات هائلة وما زال في أيديهم الكثير من الإمكانات التي ينوون بلا شك تسخيرها للانقضاض على الثورة وهم من هم في عالم الدسائس والفتن والأعمال القذرة.
أيها الثوار الكرام ، لا يوجد في علم السياسة ما يسمى الصدفة. لذلك أرجو من الجميع الإبقاء على حالة اليقظة التامة ورفع درجات الاستعداد والقلق والانتباه إلى كل شاردة أو واردة مهما كانت صغيرة أو بدا أنها غير ذات شأن ، فالمرحلة شديدة الدقة والانتقال من حكم العصابة إلى حكم الشعب محفوف بالمخاطر.
حفظ الله مصرنا وثورتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق