الجمعة، 1 أبريل 2011

جرأة المنافقين والكذابين

لو توافر لمصر ربع عدد المنافقين من المثقفين والإعلاميين الذين تقرأ لهم وعنهم هذه الأيام لنصلح حالها ولما كنا بحاجة إلى ثورة.

أقول ذلك بعد متابعة ادعاءات بعضهم أنهم لم يغادروا ميدان التحرير طول الوقت، وحديث البعض الآخر أنهم كانوا ممن تنبئوا بالثورة وظلوا يرصدون مؤشراتها (سرا طبعا) منذ سنين طويلة.

في حين تباهى آخرون أنهم كانوا بين الآباء الذين تعبوا وأجهدوا أنفسهم كثيرا لكي يتحقق الحلم الذي غاب طويلا وراء الحجب. هذه الظاهرة سجلها بعض الزملاء وانتقدها في كتابات عدة.

ظللت متفرجا على المشهد، الذي آثار انتباهي فيه أمران،
أولهما سرعة التحول لدى البعض من النقيض إلى النقيض،
وثانيها مراهنة زملائنا هؤلاء على ضعف ذاكرة القارئ أو المشاهد المصري، وافتراض البلاهة والغباء فيه،

مع ذلك فقد آثرت أن أبقى متفرجا ومتعجبا مما يحدث، لكنني لاحظت أخيرا أن المسألة زادت على حدها، وأن المنافقين ازدادوا جرأة، فلم يكتفوا بهجاء ولي نعمتهم، وزايدوا على الجميع في إهانته وتجريحه، ولم يكتفوا بادعاء الشجاعة والبطولة، وإنما أيضا اعتلوا المنصات وراحوا يوجهون إلينا النصائح لكي يبصروننا بما علينا أن نفعله.
إذ بدلا من أن يعتذروا إلينا ثم يختفون من المشهد مؤثرين الصمت، وشاكرين لله أن أحدا لم يحاسبهم على ما اقترفوه بحق الشعب من تضليل ومناصرة للطغيان وترويج للكذب والبهتان، بدلا من ذلك، فإنهم تقدموا الصفوف بكل جرأة وصفاقة ـ مرتدين مسوح الثوار والمناضلين، وشرعوا في وعظنا وتوجيهنا.
في عام 2004 اكتشف المسؤولون عن صحيفة نيويورك تايمز أن التعليقات والأخبار التي نشروها عن العراق دست عليهم ولم تكن صحيحة، واعتبروا أن جريدتهم أسهمت في تضليل القراء وتبرير الغزو، حينذاك نشرت الصحيفة اعتذارا مطولا لقرائها سجلت فيه الخطأ الذي تورطت فيه ثم قدمت إلى قرائها اعتذارا أكدت فيه أنها ما كانت لتقدم عليه إلا لأنها حريصة على أمرين؛ شرف المهنة وثقة القارئ.
في مصر ظل الإعلام الرسمي الذي يمارس الكذب والتضليل والخداع طوال ثلاثين عاما على الأقل، وحين انفجر غضب الشعب وأطار بالنظام الذي لأجله مورست كل تلك الخطايا. فإن كل الأبواق التي استخدمت في الكذب والتضليل قلبت موجة الإرسال واتجهت إلى الحفاوة بالثورة.
لقد احترمت اثنين من المحافظين قدما استقالتهما بعد الثورة، لأن المحافظ هو ممثل رئيس الجمهورية في محافظته. وأي إنسان لديه قدر من الكرامة أو النزاهة لا يستطيع أن يمثل رئيسا ثبت فساد عهده، ثم يمثل رئاسة النظام الذي انقلب على ذلك الفساد وأطاح به.

الكذابون الكبار في وسائل الإعلام لم يفعلوا شيئا من هذا القبيل. وقيل لنا إن اثنين منهما قدما استقالتيهما على استحياء، لكنهما لا يزالان يؤديان عملهما إلى الآن. أما أقرانهما من جنود فرعون فإنهم لا يكفون عن إقناعنا بأنهم كانوا مضطهدين،

ومنهم من كتب قائلا إنه قال كلمة الحق لكن أحدا لم يستمع إليه،
واستشهد ثالث بفقرات من كتابات سابقة تضمنت عبارات مبهمة وفضفاضة أراد إقناعنا بأنه كان ثائرا ومتمردا طوال الوقت ولكن بصورة سرية لم يلحظها أحد.

قرأنا أيضا لمن خلع ثياب أمن الدولة وارتدى زي واعظ الثورة، فراح يحذرنا ليس من الضغوط الأمريكية أو الإرهاب الإسرائيلي الذي يتربص بالثورة، ولكن من الإرهاب «المتأسلم» ومن أنفاق سيناء، ومن التشيع الذي يهدد الأمن المصري ويفتح الباب لنفوذ المراجع والملالي (!!)
إن المنافقين الذين صار بعضهم يحذر من اختطاف الثورة لا يستحون، ولديهم قدرة هائلة على التلون، ولكن لأن أبصارهم معلقة دائما بالسلطان، فإنهم لا يعرفون أن الناس ليسوا بالبلاهة والغباء الذي يظنون.

وإذا تابعت انهيار أرقام توزيع الصحف القومية بعد الثورة، فستدرك أن الجماهير صبرت عليهم حقا ولكنها لم تنس ولم تغفر لهم ضلوعهم في الكذب والتضليل.

هناك تعليق واحد:

  1. هؤلاء المنافقون الذين ذكرت هم أنفسهم الذين حاولوا إشعال نار الفتنة بين شعب مصر العظيم و شقيقه الشعب الجزائري ..و كنا قد نبهنا وقتها إلى خطرهم الماحق و أنهم خطر على مصر قبل أن يكونوا خطرا على الجزائر ..فبسبب مباراة لعب أشعلوا حربا إعلامية شعواء على الشعب الجزائري و دولته ..خدمة لأغراض سلطوية دنيئة ..و كان الذي تولى كبر هذه الفتنة أبناء الرئيس المخلوع ..و أعوانهما من بارونات الفساد الذين جندوا بلطجيتهم للإعتداء على الفريق الجزائري ..و نفس الشيئ فعلوه ضد شباب ميدان التحرير حين أجلبوا ببغالهم و جمالهم..و الحمد لله فهاهم تجار الفتنة يكشفون على الملأ من قبل الشعب المصري نفسه الذي كشف زيفهم و نفاقهم و لعنهم على صفحات المواقع و المدونات و أعد لهم قوائم العار ..العار الذي لا ينفع معه ندم و لا توبة لأن لعنة الشعوب و التاريخ لا ترحم ...

    ردحذف