السبت، 2 أبريل 2011

حَدَّثني قَلبي عَن ربِّي ..!

في بِدَايتي الكِتَابيّة قَبل رَبطة مِن الأعوَام، كُنتُ مُغرماً باللغة العَربيّة، وأهيمُ بالاستعرَاض في معرض الكَلِمَات، لذَا أسهَر حتَّى أحْبُك جُملة «تدوّخ» القُرَّاء، وتُذهل الأغبيَاء وتُغضب الأذكيَاء..!
بَعد ذَلك استغفرتُ الله وتُبتُ مِن هَذه الوسَاوس اللفظيّة، وصِرتُ أترزَّق الله بالكِتَابة «العَاديّة»، وقَبل أيَّام أحببتُ أن أُجرِّب لِياقَتي الكِتَابيّة، لأُدرك أثر الشّحوم اللغويّة واللحوم الفضيّة عَلى صِيغتي الكِتَابيّة..!
مِن هُنا أبدَأ بمَا كُنتُ أقتدي مِن السَّلف الكِتَابي، ألا وهو «أبو يزيد البسطامي»، العَالِم المُتصوّف المَعروف، حيثُ كَان يَبدأ بقَوله: «حَدَّثني قَلبي عَن ربِّي»، ثُمَّ يَروي لَنا أحاسِيسه ومَشاعره..!
ونَظراً لأنَّني لَستُ هو، أخذتُ في تِلك المَرحلة أتشبَّه بهِ، مَع تَعديل يَتوافق مَع الأفكَار والأقوَال العَرفجيّة..
وهَذه طَائفة مِن وَساوسي الجَديدة..!
فقَد حَدَّثني قَولي عَن عَقلي قَائلاً: لمَاذا يَكثر بيننا المُطاوعة، ولا نَجد بيننا مُتطوّعين..؟!
كَما أخبرني قَلبي عَن فِكري مُتسائلاً: ألا تَرى أنَّ لَدينا مِئات الآلاف مِن المُحتسبين، وليس لَدينا إلَّا عَشرات المُحاسَبين -بفتح السين- والمُحاسِبين -بكسرها-..!
كَما وَشوشني غَرامي عَن كَلامي وَشْوَشَة خَافَت مِنها القلُوب، حين أشَارت أنَّ لكُلِّ حَرف مَضجعا، والحروف يَجب أن تَتراصَف وتَتشابَك وتَتعانَق، فمَثلاً كَلِمَة «حُبّ»، لَو فَرّقتم بين مَضجعها لدَخلت الرَّاء، ثُمَّ تَحوّل «الحُبّ» إلى «حَرب»..!
وقَد أرشدني عِلمي عَن عَملي أنَّ الحَركات وضَبط الكَلِمَات هي مِن أصحَاب البَرَاعَات،
وحتَّى تُدركوا الفَرق، تَأمَّلوا «المرآة» التي تَعكس صورة المَرء، بَينما «المَرأة» تَقلب حَياته، والفَرق بَينهما هَمزتان وحَركتان، ولَيس حَركة حَركة، أو زَنقة زَنقة..!
كَما حَدَّثني حِبري عَن فِكري أنَّ تَغطية الوَجه قَد تَكون لجَمالهِ البَاهر، كَما كَان يَفعل الشَّاعِر الجَاهلي المقنّع الكندي، ولكن عَرفتُ عَن طَريق الفِكر أنَّ المَرء دَائماً مَا يُغطِّي ويَستر أشياءه، إذَا كَانت لا تَسرُّ النَّاظرين..!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ هَذه «شَيطنة» مِن شيطونٍ صَغير، أَحَبّ أن يُحرِّك المَاء القَرير، ويَدفعه إلى الخَرير، بَدلاً مِن الاستقرَار عَلى الحَرير، والنَّوم عَلى السّرير، والتَّمتُّع بالعِلْم الذي لَم ولَن يَصير، هَكذا قَال لَنا كُلّ مِن مُطّلع وخَبير..!.
محمد مدحت عمار

مدير مدونة جيل النصر
راسلونا على hamadamedhat9gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق