الجمعة، 8 أبريل 2011

فرصة البرادعي معدومة ولا نقبل أن تعمل الجماعة الإسلامية أنفار له

تحاول الجماعة في الإسلامية صياغة علاقة جديدة مع النظام الحاكم حتى تجد مساحة للتحرك في المجتمع كنوع من ضخ الأوكسجين لرئة حتى تبقي موجودة علي الساحة ومن هنا ترفض الجماعة تحركات البرادعي وتؤكد أنها ستؤيد أي رئيس قادم لمصر حتى ولو كان جمال مبارك -ورغم مظهر الحيادية الذي تسعي له الجماعة للظهور به إلا أن موقفها من التحولات التي تعيشها الكنيسة المصرية كان حاد وصارما حيث تري الجماعة أن هناك حالة من التطرف تعيشها الكنيسة وهو ما قد يضر بالوطن والكنيسة في أن واحد وحول موقف الجماعة ودورها في الفترة القادمة تحاورنا مع الدكتور ناجح إبراهيم الرجل الثاني بالجماعة الإسلامية وكان لنا معه هذا الحوار .
لماذا حمل البيان الأخير نبرة تؤكد أن هناك مرحلة جديدة تقبل عليها الجماعة الإسلامية مع النظام؟
هي ليست مرحلة جديدة بالمفهوم الزمني لكنها تأسيس وامتداد لما بدأناه منذ إطلاق مبادرة الجماعة لإنهاء العنف وإصدار المراجعات الفقهية والفكرية للجماعة. ولكن نريد أن نؤكد أن المبادرة ليست استراحة محارب كما أنها ليست مرتبطة بشخص من الأشخاص تحيا بحياته وتموت بموته.
ولكنها منهج ممتد يعبر عن قناعة فكرية وشرعية.. وطرح استراتيجي بديل للعلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة يؤصل للمشاركة وينبذ المواجهة والصدام.. ويدعو للمعايشة والحوار وينبذ الخلاف والتنافر ،ويتيح لكل طرف القيام بواجبه ومهامه .
وما هي طبيعة تلك المرحلة؟
هي مرحلة وضع إطارات عامة لتحويل العلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة من سياسة الإحلال والاستبدال إلى سياسة المشاركة والتعايش،
و حددنا دور الحركة الإسلامية في الفترة القادمة  والمتمثل في الدعوة إلى الله وهداية الخلائق ونشر الخير والحض على الفضيلة والنهى عن المنكرات والحفاظ على الهوية الإسلامية، ونشر الفكر الإسلامي السمح الوسطى المعتدل.. والتصدي بالفكر والحجة والإقناع للأفكار الشاذة والحركات الهدامة وحماية الشباب المسلم من النهج المتطرف والغلو في الدين.. والدفاع عن رموز الإسلام وثوابته.. دون منازعة الدولة سلطانها ودون التعدي على حقوقها أو مؤسساتها أو محاولة القيام بدورها في المجتمع .
ونحن نعتبر أن أفكار المبادرة ليست خاصة بنا أو بجماعتنا أو بجيلنا.. وهي أفكار صالحة لحل المشكلة الأزلية بين الحركة الإسلامية والدولة.. ويمكن تطويرها والبناء عليها.
ما هو الدور الاجتماعي الذي بإمكانكم ممارسته؟ هل من خلال السماح لكم باعتلاء منابر.. أم من خلال العمل الاجتماعي والأهلي وتأسيس جمعيات أهليه؟
نحن نرحب بالقيام بأي دور يخدم الدعوة إلى الله ويلبى رغبتنا في المساهمة في الارتقاء بوطننا ومجتمعنا والمشاركة في تحقيق النهضة لأمتنا من خلال المنابر والمؤسسات والمسالك الشرعية لذلك فنحن نرحب بكل منبر ندعو فيه إلى الله يسمح لنا بمخالطة الناس والاقتراب منهم والإحساس بمعاناتهم ومشاركتهم همومهم ، ويتيح لنا دراسة قضاياهم وتشخيص أمراضهم حتى تؤتى الدعوة ثمارها المرجوة .
ونحن حتى الآن ليس لنا مساجد ندعو من خلالها..أو جمعية خيرية..وهناك فيتو على ظهورنا في القنوات الفضائية.
ومن المعروف أن جميع دول المنطقة تملك رصيدا ً كبيرا ً من التوجس والحذر من الإسلاميين عموما ً ومن الجماعات التي حملت السلاح في يوم من الأيام مثل الجماعة الإسلامية.. إلا أننا نأمل أن تكون مصر رائدة في السماح بتجربة المبادرة وأفكارها الإيجابية في الظهور إلى واقع الحياة. ولكنن نسعي لظهور مقنن وسلمي
وهل المراجعات من وجهة نظركم رؤية شخصية قد تتغير ملامحها بعد وفاة اللواء أحمد رأفت.. أم أنها سياسة دولة تتطور ولا تتراجع؟
هي سياسة دولة تتطور ولا تتراجع ، وربما كان موت اللواء أحمد رأفت نفسه شاهدا على هذه الحقيقة وهذا الواقع ، ففقده رحمه الله لم يؤثر بالسلب عليها، بل أكد تمسك الدولة والجماعة معا بها.فالدولة نفسها رأت في المبادرة طريقا ً جيدا ً لحل مشكلتها مع الحركة الإسلامية دون أن ينقص ذلك من سيادتها.. ودون إكراه منها للحركة الإسلامية.. أو إلزام لها بما لا تريده.وقد غيرت الدولة سياستها تجاه الجماعة الإسلامية فعلا ً.. في السجون وفي خارج السجون.. وفي التعامل وفي كل شيء.
ولذلك كررت الدولة التجربة مع جماعة الجهاد ومع تنظيم سيناء.. بل وصدرت الفكرة إلى الدول الأخرى.
والآن هناك أجيال جدد من مفكري وقادة الجماعة الإسلامية أصبحوا يحملون هذه الفكرة ويكتبون عنها باستمرار.. وستكون لهم الريادة بعد ذلك في حمل هذه الفكرة.
فنحن وقعنا بالنيابة عن أجيال بأكملها صلحا وأبرمنا عقدا، فإذا مات بعضنا أو متنا جميعا ، فالعقد المبارك في أيدي الأجيال القادمة .
هل بدأت تؤتي المراجعات ثمارها؟
ثمار المبادرة والمراجعات التي أطلقتها الجماعة الإسلامية أصبح واقعا ً ملموسا ً لا ينكره أحد.فما عليك إلا أن نقارن بين واقع مصر اليوم وواقعها في أوائل ومنتصف التسعينات من القرن الماضي سنجد ثمارها في كل بيت آمن من بيوت الإخوة أو الشرطة.. وفي كل شارع الأمان الذاتي الذي حظي به الجميع في كل مكان.. وهو أفضل من الذي يأتي عن طريق الكمائن والمداهمات.وتتوالي الثمرات في خروج المعتقلين ووقف المحاكمات العسكرية والاستثنائية. وزيادة الاستثمارات في كل المجالات.. وخاصة السياحية.أما الثمار المعنوية والفكرية والإسلامية فأكثر من أن تحصى.
وهل ستمهد تلك المرحلة لمشاركة سياسية خلال السنوات القادمة؟
المشاركة السياسية للجماعة الإسلامية غير مناسبة على الإطلاق لها في هذه المرحلة. لأنها لن تكون فعالة وناجحة إلا إذا توقفت الحرب الباردة بين الحكومة والحركة الإسلامية.. وسادت حالة من التفاهم بينهما.
أما في ظل حالة الشك والتوجس وتربص كل فريق بالآخر وشك كل فريق في نوايا الآخر.. فلن تكون هذه المشاركة السياسية ذات جدوى أو قيمة.
كما  أرى أن الواقع السياسي المصرى لا يقبل حتى الآن الحركة الإسلامية كمنافس سياسي حقيقي ضمن المنافسين الآخرين.. إن كان هناك منافسين.
ولذا فإنني أرى أن على الحركة الإسلامية الآن ألا تعطي كل اهتماماتها وتضحياتها وأوقاتها وأموالها في هذه المنافسات السياسية العقيمة الجدوى والفائدة.. حيث يتوافق الوضع المحلي والإقليمي والدولي الآن على منع الحركة الإسلامية من التقدم في هذا المجال بأي طريقة.فلماذا نسير في طريق مسدود؟ولماذا لا نقفز على هذه الأحجار الموضوعة أمامنا؟لذلك  أرى أن الاستثمار في الإنسان هو أفضل استثمار في هذا الوقت.. والاستثمار في التنافس السياسي ليس وراءه مردود.
كما أرى أن كل ما يهدر بلا طائل في هذا الميدان يعد خصما ً من رصيد الدعوة، وإهدار لطاقات وجهود الحركة الإسلامية.
كيف ترون حالة الحراك السياسي التي يشهدها الشارع المصري الآن؟ وأين أنتم منها؟
نرى في هذا الحراك ظاهرة ايجابية.ونحن جزء من المجتمع، نتابع قضاياه ونشارك بالرأي بحسب المتاح لنا.ولكن أري أن التركيز على الحريات العامة أفيد للمجتمع شريطة أن تكون هناك مسئولية في استخدام هذه الحرية.. وأن تكون مصلحة الوطن العليا هي البوصلة الوحيدة التي تضبط الجميع نحوها على اختلاف أفكارهم وآرائهم.
وأنا أرى أنه إذا أعطيت الحرية للجميع سيظهر للناس الغث من السمين.. وسيعرف الناس كيف يفرقون بينهما.
وأن يركز الحراك أيضا ً على محاربة الفساد والرشوة.. والعدل الاجتماعي في هذه الفترة بالذات لأن الجائع لن يكون له رأي.. وسيبيع نفسه لمن يعطيه.. وقد يبيع وطنه أيضا ً.. خاصة مع التردي الأخلاقي وغياب الدين بمعناه الشامل عند الكثيرين.
وكيف ترون تحركات البرادعي؟.. وهل ساهمتم في جمع التوقيعات له ولماذا؟
نحن نحترم الدكتور البرادعي كشخصية مصرية علمية وصلت لمنصب مرموق كأمين عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحترم رغبة أي مواطن مصري في الترشح للرئاسة، ولكننا لا نساهم في ترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك ولا نجمع توقيعات لأحد، وننتظر ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات.
لكن أيا كان الرئيس القادم لمصر.. فإننا سنمد له يد المشاركة والتعاون للحفاظ على الموجود من الشريعة والدين والدعوة إلي الخير.. ولمحاولة إيجاد المفقود منه.
أين كان رئيس الدولة ؟
نعم لأنني أري الصراع مع الحكام فسيضيع الموجود من الشريعة والدعوة ولن يأتي بالمفقود منها.
هل ترى أن هناك فرصة للدكتور البرادعي للوصول إلى السلطة في مصر؟
 أرى أن فرصة د/ البرادعي في الوصول للرئاسة تكاد تكون معدومة.. كما أن شخصية البرادعي الحقيقية غامضة حتى على من حوله.. وآراءه في القضايا المصيرية غير معروفة.. وأولها رأيه في الصراع العربي الإسرائيلي.
وهذا ما قاله كل من حوله من الذين تحالفوا معه في البداية ثم فضوا تحالفهم معه.
وأرجو ألا تتورط الحركة الإسلامية فيما يسمى العصيان المدني الذي قد يدعو إليه البرادعي وكفاية وغيرهما..لأنه سيدعو إليه وهو في الخارج.. وفي مأمن من كل شيء.. حيث أنه له حصانات متعددة معروفة.. والآخرون لن يحدث لهم شيء.
أما الحركة الإسلامية فستتحمل تبعات هذا الأمر كله وستدفع ضريبته كاملة.. وعلى الحركة الإسلامية أن تمتنع عن لعب دور "مقاول أنفار" للآخرين.
 وعلى الآخرين ألا يعتبروها أنها مجرد مقاول أنفار لهم.. حتى إذا حصلوا على ما يريدون تركوهم يذهبون إلى السجون والمعتقلات.
والخلاصة أننا لن نصطدم بالرئيس القادم وسنحاول أن نتعاون معه في كل خير وسنمد له يد المشاركة في كل ما نراه صوابا ً وخيرا ً.. وسنقوم بدورنا الذي رسمناه منذ البداية كحركة إسلامية تدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.
حتى ولو كان جمال مبارك ؟
حتى ولو كان جمال مبارك

ألا تتفقون مع المطالب السبع التي توافقت عليها القوي السياسية والوطنية في الوقت الراهن ؟
المطالب السبعة تعد مطالب عادلة ستفيد البلد.. ولكني ضد أن تعمل الحركة الإسلامية كما قلت كمقاول أنفار لأحد.. تجمع له التوقيعات.. وتتحمل عنه التبعات.. وتزج بأبنائها في السجون من لأجله.
حتى إذا جاء إلى الحكم تنكر لها.. ورفع غيرها على عروش الفكر والثقافة والإعلام والسياسة.
لا نريد أحدا ً يصعد على جراحاتنا وآلامنا وآهاتنا ومآسي أسرنا.. ثم ترى الحركة الإسلامية منه ما رأت من عبد الناصر بعد وصوله للسلطة.
وعلى الحركة الإسلامية أن تتفكر مليا ً في تجربة تأييدها لمحمد نجيب سنة 1954م ضد عبد الناصر.. فلا نجيب وصل إلى السلطة.. ولا الحركة الإسلامية احتفظت بعلاقة جيدة مع عبد الناصر.
فلا أدركت هذه ولا تلك؟
ولو وقفت على الحياد بينهما لكان ذلك أفضل لها.
وكيف تري تصريحات الظواهري بشأن  البرادعي؟
تصريحات د/ أيمن الظواهري عن البرادعي أو غيره يغلب عليها عادة التخوين والاتهام بغير دليل.. ولا يعني أنك تخالف إنسانا ً أو لا تقبل ترشحه أو فكرة أن تتهمه بغير حق.
على الحركة الإسلامية أن تنتهي تماما ً عن الطعن في نيات الناس أو الحكم على ما في قلوبهم "فلنا الظاهر وعلى الله السرائر" كما تقول القاعدة الشرعية المعروفة.
وعلينا أن نحترم عطاء كل إنسان حتى لو اختلفنا معه.. وعلينا البعد عن تعميم الأحكام.. أو الأحكام المسبقة.. أو اتهامات العمالة والخيانة.
قام الدكتور البرادعي بجولات للإخوان والقوي الوطنية فهل تواصل معكم ؟
لا.. لم يتواصل معنا.
ما هي تحركات الجماعة من أجل الإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن؟
دشنت الجماعة حملة على موقعها الاليكتروني وملفا كاملا للدكتور عمر عبد الرحمن، تعرض فيه لقضيته وتنقل أخباره أولا بأول.. وتطلق النداءات لإطلاق سراحه.
وقد وجهنا نداءات متكررة للإدارة الأمريكية والرئيس باراك أوباما الذي يسعى لتحسين العلاقة بين أمريكا والعالم الإسلامي.
وقلنا أن إطلاق سراح الدكتور عمر هو أقوى خطوة على طريق تحسين هذه العلاقة لمكانة الشيخ كزعيم روحي للجماعة الإسلامية ولدوره الداعم لمبادرة وقف العنف وتأييده لمراجعات الجماعة الفقهية والفكرية .
ونحن نجدد مطالبتنا للإدارة الأمريكية والرئيس أوباما بإطلاق سراح الشيخ لظروفه الصحية الحرجة ولوضعه الإنساني المتدهور في السجون الأمريكية في ظل ما يعانيه من فقد للبصر ومن أمراض خطيرة تهدد حياته .
ونؤكد أن الإفراج عن الدكتور عمر يصب في مصلحة السلام العالمي ويدعم جهود الرئيس الأمريكي في التأسيس لحوار الحضارات والتعايش ونبذ العنف.
ويفوت الفرصة على بعض الجهات التي تستغل القضية بصورة سيئة فتقوم بتفجيرات عشوائية وقتل للمدنيين هنا وهناك.. بما يضر الأمريكان ولا يفيد قضية الشيخ.. وبما يحقق بعض الانتصارات الوهمية لتنظيم القاعدة على حساب معاناة الشيخ وتعقيد موقفه.
ولكن لماذا لم تنجح المحاولات السابقة للإفراج عن د/ عمر؟
مشكلة د/ عمر مشكلة معقدة جدا ً.. ولن تستطيع الجماعة أن تحلها وحدها.. ولكنها تحتاج إلى دولة.. لأن مثل الجماعة الإسلامية وغيرها من الجماعات المحظورة قانونا لا تستطيع أن تتواصل مع الحكومة الأمريكية مباشرة حتى لا تقع تحت طائلة القوانين المصرية التي تمنع ذلك.. أو يلوث سمعتها كل من هب ودب.
كما أن القانون الأمريكي نفسه مازال يضع الجماعة الإسلامية حتى اليوم ضمن الجماعات الراعية للإرهاب رغم مرور سنوات طويلة على المبادرة.
ولذا فإن الدولة المصرية هي التي ينبغي عليها حمل مسئولية ملف الإفراج عن الدكتور/ عمر.. مهما كان هناك خلاف فكري بينهما في السابق.. لأنه ببساطة وقبل كل شيء مواطن مصري وعالم أزهري معروف. 
وماذا عن الرافضين للمراجعات من الشباب أو الحركات الإسلامية الأخرى.. وكيف تتعاملون معهم؟
لابد أن تكون هناك قناعة عقلية وقلبية لدى الشخص لقبول المراجعات.
فالمراجعات الفقهية شأنها شأن أي فكرة من شاء أن يقبلها قبلها.. ومن شاء غير ذلك فهذا اختياره.. وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد خير الناس في الإيمان به.. فما بالنا بما سوى ذلك: "فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ".
ولكن دعنا نتفق على فكرة هامة واحدة وهي نبذ العنف كوسيلة لوصول إلى الحقوق والأهداف.. أو كوسيلة للتغيير.
وأنا أرى أن الحركة الإسلامية كلها في مصر مجمعة على نبذ العنف.. وهي ناضجة الآن بما فيه الكفاية بكل أطيافها.
ونحن نرى أن أفكار المبادرة يتسع مدى قبولها بين الحركة الإسلامية أكثر وأكثر عن ذي قبل.. ويتسع أنصارها بين الشباب عامة والدعاة والمفكرين الإسلاميين خاصة.
ما هي خلاصة سياستكم تجاه قضايا الاحتقان الطائفي الذي شهدته مصر مؤخراً؟
نحن ندور في هذه القضايا مع الشريعة الإسلامية حيث دارت.. فبالعدل وللعدل أنزل الله الكتب وأرسل الرسل.. وإن كان للمسيحيين أو الكنيسة حق..أو كانت على صواب قلنا ذلك حتى وإن أساء بعض المسلمين فهمنا.. فالحق قديم وهو أحق أن يتبع.
وإن كان هناك خطأ ارتكبته الكنيسة جهرنا به.. وأظن أن أكثر المفكرين الإسلاميين يفعلون ذلك اليوم.. وأكثر الحركات الإسلامية تفعل ذلك اليوم.
فعندما قتل ستة من المسيحيين في نجع حمادي ظلما ً وعدوانا ً وبغير حق أصدرنا بيانا ً ندين هذه الجريمة.. ونبين أنها لا تمت للإسلام بصلة.. وقلنا فيه أن هذا من الظلم الذي نهت عنه شريعة الإسلام.. تلك الشريعة التي سبقت كل الشرائع في مبدأ شخصية العقوبة "وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
وحينما نادي البابا شنودة بعدم إكراه الكنيسة على إنفاذ ما يخالف شريعتهم كتب أ/ صلاح إبراهيم في موقع الجماعة الإسلامية أول مقال في الصحافة المصرية كلها يبين أن الشريعة الإسلامية هي الشريعة الوحيدة التي نادت بأن يطبق كل أهل ديانة شريعتهم وعملا ً بقوله تعالى "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ".. وأن الحكم الذي صدر هو قانوني ولكنه غير دستوري.. وأن الأولى إلغاءه وتعديل مواد هذا القانون.
وتكلمنا في الموقع كثيرا ً عن أن الشريعة الإسلامية هي التي انتصرت في هذه القضية.
ونحن ندور مع الشريعة الإسلامية حينما نصب جام غضبنا على كلمات الأنبا بيشوي غير المسئولة التي قالها مرة عن القرآن.. وقالها أخرى عن أن المسيحيين هم أصحاب البلد.. وأن المسلمين هم مجرد ضيوف عليهم.
وحينما بنين الأخطاء الفاحشة التي وقعت فيها الكنيسة ومنها احتجاز كاميليا ووفاء قسطنطين وأخريات كثيرات وكأننا نعيش في عصر محاكم التفتيش.. وليس في القرن الواحد والعشرين.
نحن في ذلك كله ننظر إلى مصلحة الأوطان وسلامتها في المقام الأول.. فلا نريد أن نحول هذه المشكلات إلى حرائق تحرق الوطن كله.
ولذلك نحن كتبنا عدة مرات نحذر الشباب من بعض الفتاوى الطائشة التي صدرت خارج مصر تحرض عوام المسلمين على تفتيش الكنائس بالقوة للبحث عن المسلمات المحتجزات.
وقلنا أن هذه هي مسئولية الدولة ولا ينبغي الافتئات عليها.. وأن هذه الفتوى وأمثالها تمثل الشر بعينه ولا تمت إلى نصوص الشريعة أو روحها بصلة.
ما رأيكم في تصرفات الكنيسة المصرية في الفترة الأخيرة؟
تطرف الكنيسة الذي تزايد في الفترة الأخيرة يوما بعد يوم أدى إلى سخط الأغلبية المسلمة.. وسيضر الكنيسة والوطن.
فحينما تقول: "لن نطبق الأحكام القضائية".
وحينما يدعو المتظاهرون في الكنيسة بوش ثم أوباما لغزو مصر عسكريا ً.. يقول المتظاهرون.
ثم يتم سجن كل من تسلم في دهاليز الأديرة.. وكأننا في عصر محاكم التفتيش.
ما هذا.. أليس الإنسان حرا ً في اعتقاده..وحرا ً فيمن يعيش معه.. وتتزوج من تشاء.. وتترك من تشاء.. أليس هذا أساسا ً من أسس الشريعة " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" وأساسا ً أيضا ً من أسس المدنية الحديثة.
أما أن يكون مصير كل من تسلم ألا يراها أحد.. وأن تقضي بقية حياتها في سجن رهيب.. لا يستطيع أحد الاتصال بها.. أو الظهور أمام الإعلام.. أو مقابلة أحد.
كل ذلك ناهيك عن ترك الرهبان لوظيفتهم وهي التبتل والعبادة للاستيلاء على أراضي الدولة هنا وهناك.. لقد تركت الكنيسة مهمتها التي عرفت بها.. وهي الاهتمام بالجانب الروحي لتلعب فقط في الملعب السياسي وبطريقة الجماعات السياسية.
طالبتم النظام بضرورة محاصرة التطرف الطائفي فكيف يتم ذلك من وجهة نظركم؟
يتم ذلك بترسيخ قيم المواطنة وبعودة روح المحبة والمودة والإخاء والبعد عن مظاهر الشحن وخطابات الإثارة والتهييج.
ويتم بالحوار الهادئ العاقل بين القيادات حتى لا يفسح المجال لخروج المظاهرات ولحلول الشارع التي تمثل خطورة كبيرة ؛ فمظاهرة قبطية في مواجهة مظاهرة إسلامية في وجود النفوس المريضة ومؤججي الفتن هو أمر غير محمود العواقب.
يتم ذلك أيضا بسيادة القانون على كل المصريين أقباط ومسلمين ، فليست هناك مؤسسة مصرية فوق أحكام القانون، وليست هناك شخصية مصرية - مهما علا شأنها – فوق القانون.
ويتم ذلك بعودة الكنيسة لدورها الروحي الرعوي بعيدا عن صراعات السياسة.
إطلاق حرية الاعتقاد.. مع إعطاء الأزهر بعض الحقوق التي تتمتع بها الكنيسة.. أو إخضاع الكنيسة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات شأنها شأن كل مؤسسات الدولة الدينية.. وإطلاق حرية الدعوة الإسلامية ورفع القيود التي كبلت بها.
طالبتم الدولة باستعادة سلطاتها.. فكيف ترون موقع الدولة الآن؟
لقد استغلت الكنيسة في الفترة الماضية الظروف الدولية والإقليمية والمحلية أسوأ استغلال.. وقامت بابتزاز الدولة أسوأ ابتزاز.. وظنت أن الدولة ضعيفة وهذا فهم خاطئ جدا ً وضار جدا ً بالكنيسة قبل غيرها.
وقد استغلت الكنيسة هذه الظروف في تحقيق بعض المكاسب الطائفية الغير مشروعة والتي تصب في مزيد من الاحتقان.. لأنها تمس وجود الغالبية المسلمة في مصر وتستهدف حقوقها.
والدولة مطالبة ببسط سيادتها على مؤسساتها.. ومن ضمنها مؤسسة الكنيسة ومطالبة باستعادة هيبتها وإنفاذ قانونها وتطبيقه على الجميع.
ونرى أن تهاون الدولة ليس في صالح الأقباط على المدى المنظور ، بل إن قوة الدولة وسيادة القانون حماية للأقباط قبل المسلمين في حال حدوث فتنة – لا قدر الله – نتيجة الشحن الطائفي المتصاعد من بعض الأصوات القبطية المتطرفة .
الوفد –الناصري – الوطني – العربي – الإخوان- لمن ستعطون أصواتكم ؟
في كل حزب من الأحزاب ومن المستقلين أناس صالحين يستطيعون خدمة الوطن والسعي في حوائج أبناء دائرتهم.
وأرجو أن يختار كل واحد منا أصلح الموجودين في دائرته.. قربة إلى الله وتزلفا ً له سبحانه.. وعملا ً بالحديث الشريف "ثم الأمثل فالأمثل".
فعلينا أن نختار من هو أقرب إلى الصلاح والذي لا يستخدم هذه المكانة لأغراض شخصية أو لمزيد من الغنى أو لحماية نفسه من المساءلة القانونية أو...
وليس بالضرورة أن يكون هذا الشخص إسلاميا ً.. فقد يكون شخصا ً عاديا.. ولكنه الأقدر والأقوى على خدمة الناس.
فإن كان قوياً وقادرا ً وإسلاميا ً فذلك أولى.
وإن كان إسلاميا ً ولا يستطيع خدمة أحد لسبب أو آخر فليختر أقربهم إلى الصلاح وأقواهم على خدمة الوطن وأبناء دائرته.
وذلك كله يرجع إلى تقدير كل واحد في مكانه.
وقد وصل أبناء الحركة الإسلامية لدرجة من الوعي والنضج يميز بها الخبيث من الطيب.
ذكرتم في إحدى تصريحاتكم أن من يرشح نفسه في الانتخابات يسعي للوصول للسلطة فهل ترون أنه ليس من حق الإسلاميين الوصول للسلطة؟ وهل ما يفعله الإخوان مخالف لنهجكم ؟
الإسلاميون كغيرهم من حقهم السعي إلى السلطة من خلال الطرق السلمية وانتخابات ديمقراطية، لكنهم في ظل الأوضاع الدولية والمحلية الراهنة لن يصلوا إلى السلطة، وحتى إن وصلوا إليها بشكل أو بآخر سيجبرون على تركها بالقوة، وسيضيق عليهم وسيجهض مشروعهم وستسعى أمريكا وأوربا ومن خلفهم إسرائيل في إفشالهم وتكبيلهم وحصارهم.
وهى تجربة تكررت كثيرا قديما وحديثا ، وأهدرت فيها أعمار وطاقات وأموال، وكبدت فيها الحركة الإسلامية خسائر باهظة.
 وهى تجربة حبست الحركة الإسلامية وأسرتها خلف جدران المعتقلات لسنوات طوال ، وأعادت الحركة إلى الوراء لعقود وأصابتها بالجمود وأثرت على مسيرة تطورها ورقيها واندماجها في المجتمع.
ولكن للأسف الشديد نحن لا نتعلم من تجارب الماضي، ولا نريد التسليم بالحقائق ونرفض التعامل مع الواقع بما يحقق مصلحة الأوطان من جهة والحركة الإسلامية من جهة أخرى.
وهذا الرأي نراه مناسبا ً للجماعة الإسلامية.. فمن رأى فيه خيراً وصوابا ً اتبعه.. ومن رأى فيه غير ذلك فلا نعيب عليه.. فهو حر فيما يراه مناسبا ً له ولمن معه.
ونحن لا نلزم أحدا ً بهذا الرأي.. أو نحجر على أحد في رأيه.
والإخوان جماعة كبيرة ولها سياساتها وقادتها وهي أدرى بشأنه.. ولها الحق في أن تختار لنفسها ما تراه وصوابا ً في كل حزب من الأحزاب.
وماذا سيفعل الإسلاميون لإصلاح المجتمع إذا لم يشاركوا في الحكم ؟
الإسلاميون أمامهم ميادين الدعوة والمشاركة المجتمعية والعمل الأهلي ومساعدة الفقراء ورعاية اليتامى والأرامل وكافة صور العمل الخيري.
وأمامهم منابر الثقافة والفكر والفن للوصول إلى الجماهير العريضة بأخلاق دينهم وشريعة ربهم وسيرة رسولهم صلى الله عليه وسلم وسنته .
الإسلاميون مطالبون بالمشاركة في الارتقاء بمجتمعاتهم علميا وثقافيا لمحو الأمية الدينية وحماية الشباب من الأفكار المتطرفة .
ومطالبون بالدفاع عن رموز الإسلام وثوابته ونشر الخير والمعروف والحض على الفضيلة.
ومطالبون بإيقاظ الضمائر لإيقاف شلالات الفساد والرشوة التي جرفت الفقراء والبسطاء وتركتهم يعانون على حافة الجوع والبؤس .
الإسلاميون مطالبون بإنقاذ المجتمع من مظاهر التغريب وفساد الأخلاق وانتشار الرذائل ، ومطالبون بنشر قيم التسامح والعفو والتعايش التي جاء بها الإسلام .
ولو انشغلوا عن ذلك بالصراع السياسي الساخن أو البارد لضاعت كل الأهداف منهم.
ولو قاموا بهذه الوجبات وحدها فلربما أصلحت المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي المصري.. بحيث يقبل بعد ذلك وجود الإسلاميون كشريك سياسي دون عوائق كثيرة.. ودون تكسير البعض لعظام الآخر. 
محمد مدحت عمار
صاحب مدونة جيل النصر تواصل معنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق