الجمعة، 22 أبريل 2011

الآليات الثورية لتأمين الثورة المصرية

الآليات الثورية لتأمين الثورة المصرية


كتب: محمد مدحت عمار

يمكن تقسيم الثورات إلى ثورات حمراء وثورات بيضاء  استنادا إلى موقف الثورة من النظام السياسي الفاسد  الذي قامت  من أجل  اسقاطة ، فإذا قامت  الثورة  بالتخلص من رموز النظام بعمليات  إعدام بعد محاكمات سريعة ( مثال  الثورة في فرنسا 1791 ، في إيران  عام 1979 م ورومانيا عام 1990م ) فهذه ثورات  حمراء لأن  آليات  الثورة في مواجهة الخصوم والأعداد  كانت  استنادا  لممارسة العنف ضدهم ،  وعادة ما يكون هذا العنف من الثوار ردا على العنف الذي مارسه الطغاة ضد المعارضة والثوار ( فعلى سبيل المثال قتل 60 ألف  في رومانيا قبل إعدام  رموز النظام الفاسد ) .

أما الثورة البيضاء فهي التي لا لتجأ للتصفية الجسدية لرموز ورجال النظام السياسي  الذي أسقطه الثوار على الرغم من العنف الذي مارسه هذا النظام ، فثورة 25 يناير  وفى مصر ثورة بيضاء  رغم سقوط المئات من الشهداء وآلاف  المصابين ،  ويثور التساؤل هل هناك  آليات  للحفاظ  على ثورة 25 يناير البيضاء ومحاسبة  أعداءها  بطريقة تحافظ على الثورة وتمنع خصومها من الانقضاض عليها ؟؟

والإجابة بنعم ولكن في إطار  الشرعية الثورية ،  فالثورة لابد ان تلجأ في مراحلها الأولى  إلى إجراءات استثنائية لا يشترط  ان تكون دموية أو  عنيفة  ولكنها إجراءات تتفق مع طبيعة المرحلة الواقعية التي تمر بها الثورة ، فلا يعقل ان تتعامل  الثورة مع نظم النظام  المعادى لها  -  والذي استخدم كل وسائل العنف ضدها -  بآليات قانونية عادية لا تتفق مع الحالة الاستثنائية التي تعيشها الثورة ،  فليس من المقبول مطلقا  محاكمة مبارك وعصابته على الفساد المالي فقط وعن طريق أجهزة رقابية  كان الانتداب  إليها  من خلال توصيات وموافقة رموز النظام السابق ، كما ان الثورة لم تقم بسبب  المخالفات المالية لرموز النظام الفاسد فقط .

ان من مظاهر الشرعية الثورية لثورة 25 يناير  إسقاط الشرعية  الدستورية  والسياسية للنظام السياسي ، مثل  إسقاط الدستور  وحل مجلس الشعب و الشورى ،  وقيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة  بإدارة شئون البلاد مستمدا شرعيته من ثورة 25 يناير ،  وبالتالي فلا يمكن ان يعاقب  المتهمين في قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب بالإعدام أو المؤبد  في محاكمات  عسكرية سريعة للحفاظ على  الاستقرار  الاجتماعي للدولة ،  وتحاسب رموز النظام  الفاسد بآليات  قانونية وجهات رقابية ليست  مناسبة  لهذه  المرحلة الاستثنائية ، لذلك نرى  أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة  مطالب باتخاذ إجراءات فورية بقصد الحفاظ على انجازات  واستمرار  ثورة 25 يناير  حتى لا يتم الانقضاض  عليها ، وتتحول إلى ثورة دموية وهذه الآليات  التي نرى أنها مناسبة لتأمين الثورة  ويمكن أن تصدر بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة استنادا  للشرعية الثورية هي كالاتى : -

أولا :-  حبس الرئيس السابق  مبارك وأسرته  ومساعديه وكل أعضاء  الحكومة  السابقة ورموز  النظام بتهمة الخيانة  العظمى وقتل المئات وإصابة الآلاف ، وفتح السجون وإشاعة الفوضى  في البلاد أثناء الثورة ، وتزوير الانتخابات  التشريعية  والمحلية وإساءة استخدام السلطة في استخدام  قانون الطوارئ وإنشاء المحاكم الاستثنائية ضد خصومة السياسيين  فهذه الجرائم ، جرائم ضد الإنسانية  تعاقب عليها التشريعات  الوطنية والدولية ولا تسقط بالتقادم .
ثانيا :-  التحفظ على كل ضباط مباحث امن الدولة بتهمة إساءة استخدام  السلطة والمشاركة في قتل المتظاهرين وممارسة  التعذيب أو الاشتراك فيه ، والمشاركة في تزوير  الانتخابات وإفساد  الحياة السياسية .

ثالثا :- حل الحزب الوطني  وتطبيق العزل السياسي ( منعهم من حق  الترشيح والانتخاب) على قياداته ممثلة في المكتب  السياسي  وأعضاء  لجنة  السياسات  وأمناء  المحافظات  ولجانهم وكذلك المراكز ،كما يشمل العزل  السياسي جميع مجلسي الشعب والشورى السابقين المنتمين للحزب الوطني لمدة لا تقل عن عشرة سنوات ، وذلك لمشاركتهم في تزوير الانتخابات  وإفساد الحياة الحساسية .

رابعا :- إقالة جميع المحافظين وتعيين بعض الشخصيات العامة المشهود لها بالنزاهة  إلى أن يتم تعديل قانون الإدارة المحلية ويكون منصب المحافظ  بالانتخاب .

خامسا :-  إقالة  كل  رؤساء الهيئات  القضائية  فهناك الكثير من هؤلاء صعدوا  لأنهم من رجال مبارك وأن تكون التعيينات  وفقا للاقدمية حتى يتم إعادة  إصلاح مرفق القضاء .
سادسا :- ضم بعض الشخصيات الوطنية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمشهود لهم بالنزاهة والاحترام حتى الانتهاء من الانتخابات التشريعية والرئاسية  وهناك أسماء  كثيرة لها مكانة في الرأي  العام  منها ( محمد سليم العوا -  حسن نافعة – طارق  البشرى - عاطف البنا – علاء الأسواني – أسامة الغزالي حرب – محمد البلتاجي 0000000 الخ ذلك للاستفادة من خبراتهم .

هذه الآليات وغيرها طبيعية استنادا للمرحلة الاستثنائية  التي تمر بها والثورة أما ما يحدث  الآن  من مواجهة فلول  الحزب الوطني وقياداته ،  فهذه الأساليب لن تحقق  مكاسب وانجازات  الثورة ولاسيما مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية ، والتي ستكون فرصة لبقايا  النظام من أجل  العودة واستمرار الثورة المضادة .

والخلاصة  أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة مطالب باللجوء  لهذه الوسائل  فورا حتى نحافظ  على انجازات ثورة 25 يناير ، وتظل الثقة  قائمة بين الشعب وقواته المسلحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق